فيروز تقول:«أنا مين اللي صحاني من عز النوموصوب عيونك وداني من أول يوم».والله إنك فاضية يا أم زياد، يسعد (صباحكن) حبايب قلبي.لكن إن جينا للجد؛ أنا مين اللي صحاني، وصوب مقالاتي وداني، غيركم.فلن أقول اشتقت لكم بعد هذه الإجازة الماتعة وأتحمل وزر الكذب، ولكن سيكون عزائي الوحيد أن تستقبلوني بالورود وتفرشوا لي الصُحف بمعسول الكلام وتقولون لي: (اشتقنا يا حلو، والله اشتقنا).فلقد انتهيت الآن من الراحة، والكسل المشروع، والنوم دون التفكير في فكرة المقال القادم، وعدت من إجازتي الروحية، أو بالأصح (الكنبية) حيث كنت أتنقل و(أتسدح) من كنبة إلى أخرى بدون تأنيب ضمير، وقد أعطيت عقلي (إجازة مفتوحة) سافر بها إلى الفراغ، حيث لا شيء، ولا أحد سواي.وبعد كل هذا أعتقد أنكم تنتظرون مني مقالاً، وفي الواقع ما زلت أبحث عن فكرته كما يبحث المهاجر عن حضن وطنه، وبدأت بالفعل وتصفحت الصحف علني أجد ما يُلهمني للكتابة، ولكني وجدت العناوين مملة، والأخبار معظمها (تسد النفس)!فوجدتني في ورطة؛ وحاولت أن أبحث عن (مخرج) لهذا المقال قبل أن أدخله، ولم أجد مع الأسف كلمات تنقذ كرامة الحرف لأستخدمها كمادة دسمة لسخريتي الرديئة هذه.فقررت أخيراً أن أكتب عن كيفية كتابة مقال عندما لا يكون لديك ما تقوله، أعلمكم فيه فن الكتابة عن العدم.أولاً: لكي تكتب عن اللا شيء عليك أن تخلق مشكلة، أي مشكلة، ثم تتصرف وكأنها أزمة وجودية، مثلاً: لماذا تربطون القهوة بالمثقفين رغم أن المثقف يستطيع أن يشرب (عصير بقدونس)؟وثانياً: (تفلسف) وارتدِ عباءة الفيلسوف وقل إن اللا شيء عميق فلسفياً ويلامس الروح. و(خربط) بأي كلام وسيصدقك الجميع.فهذه هي الطريقة الأمثل لإنتاج محتوى، وإن لم تجد فكرة، فاكتفِ بالكتابة عن العدم، فالفراغ والسخافة أصبحا سلعة مطلوبة هذه الأيام ولها ناسها.لطالما تساءلت: كيف يمكنني أن أكتب عن شيء بطريقة تشد القارئ وتجعله يشعر أنه قرأ شيئاً مفيداً؟ وبعد سنوات من البحث -يا رب سامحني على الكذب- بعد خمس دقائق اكتشفت أن السر في «جزء من النص مفقود .....».يا أصدقائي؛ هذا المقال هو مساحة بيضاء أسمح لكم فيها بإسقاط (أفكاركم السوداء) عليه كمرآة تشاهدون أنفسكم من خلالها.وأخيراً دعونا نعود لمحور حديثنا؛ أنا فعلاً مين اللي صحاني؟استأذنكم الآن لأني (رايحه بيت خالتي). أخبار ذات صلة