سوهاج محمود مقبول

قدَّم أهالي جهينة واحدة من أعظم صور البطولة في تاريخ مصر، حين تصدوا بشجاعة للحملة الفرنسية بقيادة الجنرال "دافو" وبعد مرور 226 عامًا على هذه الملحمة البطولية، يظل تاريخ العاشر من إبريل من العام 1799 عالقًا في ذاكرة المصريين، ليصبح عيدًا قوميًا في محافظة سوهاج، مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة في مقاومة الاستعمار والاحتلال.

كانت البداية في السادس من أبريل 1799، عندما شنَّ الجنرال الفرنسي "دافو" هجومًا على قرية "برديس" بمركز البلينا لم يكن يتوقع أن يواجه مقاومة عنيفة من أهالي القرية، الذين تجمعوا مع سكان القرى المجاورة والقبائل العربية المحيطة، هؤلاء الأبطال خاضوا معركة شرسة ضد القوات الفرنسية، ما أسفر عن إجبار الفرنسيين على التقهقر إلى مدينة جرجا.

وفي السابع من أبريل، تجددت المعركة في جرجا، حيث التحم ما يقارب 3 آلاف من سكان المنطقة مع القوات الفرنسية المجهزة بكل أسلحتها، ليحققوا انتصارًا آخر على الاحتلال الفرنسي سقط العديد من الجنود الفرنسيين بين قتيل وجريح، ما اضطر قوات الحملة الفرنسية إلى التراجع.

لكن لم يكن هذا هو نهاية المقاومة، مع تواصل الثورة، امتدَّت المظاهرات إلى مدينة طهطا، حيث استولى الأهالي على الحكم المحلي، مما دفع الفرنسيين لاستدعاء المدد من أسيوط على إثر ذلك، توجه الضابط "لاسال" مع قواته نحو سوهاج في محاولة لقمع المقاومة.

لكن أهل جهينة كانوا لهم بالمرصاد في العاشر من إبريل 1799، وقعت معركة جهينة الشهيرة، كانت معركة طويلة ومؤلمة بين الثوار الفرنسيين، عُرفت بخبرتهم في حروب الصحراء وقدرتهم على التحمل، ما جعلهم يتفوقون على القوات الفرنسية بشكل حاسم بعد معركة شرسة، اضطر الفرنسيون للانسحاب من سوهاج، متراجعين بعد أن تم إلحاق الهزيمة بهم.

تعتبر هذه المعركة واحدة من أبرز مظاهر مقاومة الشعب المصري للاحتلال الفرنسي في صعيد مصر، حيث أظهرت قدرة المصريين على الوقوف في وجه أعتى الجيوش الاستعمارية. أهالي جهينة قدّموا نموذجًا حقيقيًا للبطولة والفداء، وجعلوا من أرضهم ساحة للثوار ضد قوات الاحتلال.

ولما كانت تلك المعركة قد شكلت نقطة فارقة في تاريخ مقاومة الاحتلال، خصَّصت محافظة سوهاج يوم العاشر من إبريل ليكون عيدًا قوميًا لها، تحتفل فيه كل عام بما قدمه أبناؤها من تضحيات، وتستلهِم منه الأجيال الجديدة روح الصمود والمقاومة.

الجدارية بمركز جهينة

مدينة جهينة سوهاج

أثار المدافع على جدران جهينة