ولكن الرئيس ترمب لا يزال يرى أن الاقتصاد عاملاً تابعاً لقوة أمريكا في العالم، وليس مستقلاً مقارنة بالقوة العسكرية والسياسية، وهو ما جعله يصمم برنامجه الانتخابي على أساس اقتصادي؛ لأنه مؤمن بقوة تأثير الاقتصاد على السياسة والدفاع، ويستشهد بالصين التي لا تملك قواعد عسكرية في العالم، ولم ترسل جندياً واحداً للقتال خارج حدودها، ومع ذلك استطاع الاقتصاد الصيني أن يبقى المنافس الوحيد لأمريكا بعظمتها وقوتها، واضطر الرئيس ترمب أن يقولها صراحة «كنا أغبياء وعاجزين، وعاملتنا الصين ودول أخرى بطريقة سيئة لا يمكن تحملها»، مما جعله يفرض رسوماً جمركية على واردات الولايات المتحدة من 185 دولة، تتراوح من 10% إلى 49%؛ بهدف معلن وهو خفض الميزان التجاري الأمريكي مع تلك الدول، ولكن الدافع أكبر من ذلك بكثير.
الرئيس الأمريكي بعد هذا الإعلان يرى أن العالم في كفة والصين في كفة أخرى، ولو فاوض أو علّق أو حتى تراجع عن تلك الرسوم لجميع دول العالم، إلاّ أن الصين يجب أن تبقى في نظره المتضرر الأول منها، ولهذا الرسالة وصلت للصينيين، وهم أفضل من يقرأ ما بين سطورها، وفهمها بطريقتهم، وعبّر عن ذلك صراحة قبل يومين المتحدث باسم الخارجية الصينية «لين جيان» قائلاً: «أمريكا تسعى للهيمنة من خلال حربها التجارية، وتتذرع بمبدأ المعاملة بالمثل، وتمارس الابتزاز الاقتصادي من أجل خدمة مصالحها الأنانية»؛ لذلك جاء الرد الصيني فورياً بالإعلان عن رسوم جمركية إضافية على الواردات الأمريكية تصل إلى 34%.
ما نراه اليوم من تراجعات حادة في الأسواق المالية العالمية وأسعار النفط؛ هي بداية حرب تجارية ليست بين أمريكا والعالم، ولكنها حقيقة بين أمريكا والصين على المدى البعيد؛ فالسلع الصينية في الأسواق -وفق تقديرات خبراء ومختصين- ستواجه ارتفاعاً في التكلفة، كما ستشهد الصين تراجعاً في الطلب على النفط ومشتقاته، وهو المؤشر الأبرز على تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني، وهو المحصلة النهائية من هدف ترمب من هذه الحرب التي لا يريد تسميتها بذلك، ولكنها ستبقى حرباً مفتوحة بين البلدين على مدى عقود وليس سنوات، ولن يكون هناك أحد رابح فيها.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.