الارشيف / اقتصاد / صحيفة الخليج

الغاز بين وأوروبا.. تراجع هنا وإنقاذ هناك

رون بوسو

شهدت واردات من الغاز الطبيعي المسال تراجعاً ملحوظاً هذا العام، ما وفّر كميات تُساعد أوروبا على إعادة ملء مخزوناتها المتناقصة بسرعة بعد شتاءٍ قاسٍ.

ومن المتوقع أن تنخفض واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 22% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقارنةً ب 2024، لتصل إلى 15.8 مليون طن متري، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2020، بحسب شركة التحليلات «كبلر».

ويعود هذا الانخفاض إلى مجموعةٍ من العوامل، منها تراجع الطلب على التدفئة المنزلية في شمال الصين لارتفاع ، وضعف الطلب الصناعي، وارتفاع إنتاج الغاز المحلي، وزيادة واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب.

وقد يكون من المغري ربط هذا الانخفاض في واردات بالحرب التجارية المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة. حيث فرض الرئيس دونالد ترامب عدة جولات من التعريفات الجمركية على بكين، التي ردت بفرض رسومها الخاصة على الواردات الأمريكية، بما في ذلك تعريفة بنسبة 15% على الغاز الطبيعي المسال.

وأوضحت «كبلر» أن الغاز الطبيعي المسال الأمريكي لم يشكل سوى 1%، أو 62 ألف طن، من إجمالي واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال في مارس، مقارنة ب 3%، أو 188 ألف طن، في يناير. ولكن هناك أدلة محدودة تشير إلى أن الحرب التجارية المتنامية قد أثرت في النشاط الاقتصادي الصيني أو واردات الطاقة - أو حتى أنها مسؤولة عن انخفاض اعتماد البلاد على الغاز الأمريكي.

وبدلاً من ذلك، فإن انخفاض الواردات من الولايات المتحدة ينبع على الأرجح من حقيقة أن الغالبية العظمى من الشحنات الأمريكية تُباع دون أي قيود على وجهتها النهائية، وهي ميزة لا يقدمها موردون آخرون مثل قطر أو بعض المنتجين الأستراليين. وهذا يعني أنه إذا لم يحتج التجار الصينيون إلى جميع كميات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي التي التزموا بشرائها، فيمكنهم إعادة بيع هذه الشحنات إلى جهات خارجية، مثل المشترين الأوروبيين.

على أي حال، يأتي التباطؤ الحاد في مشتريات الصين في وقت مناسب لأوروبا، مع اقتراب فصل الشتاء من نهايته في نصف الكرة الشمالي، ما يعني أن المنطقة بحاجة إلى إعادة ملء مخزوناتها من الغاز.

وتزداد الحاجة إلى ذلك بشكل خاص هذا العام. فقد أدى شتاء أبرد من المعتاد، إلى جانب توقف آخر خط أنابيب رئيسي ينقل الغاز الروسي إلى المنطقة، إلى انخفاض حاد في مخزونات أوروبا، التي بلغت 33.9% فقط من طاقتها بحلول 21 مارس، وهو أقل بكثير من نسبة 60% المسجلة العام الماضي، وفقاً لبيانات رسمية.

علاوة على ذلك، أصبحت حوافز تخزين الغاز محدودة منذ نوفمبر بسبب تشوه أسعار الغاز الأوروبية، حيث يتم تداول أسعار الغاز الآجلة للصيف بعلاوة على أسعار الشتاء المقبل. ويُعزى انعكاس الأسعار إلى حد كبير إلى قواعد الاتحاد الأوروبي التي تُلزم الدول الأعضاء بملء مخازنها إلى 90% من سعتها بحلول نوفمبر.

وأدت كل هذه العوامل إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال الأوروبية القياسية إلى أعلى مستوى لها في عامين، حيث بلغت قرابة 60 يورو لكل ميغاواط/ساعة بحلول 10 فبراير، متجاوزةً بذلك الأسعار الآسيوية بكثير. وقد أدى ذلك إلى خلق نافذة تحكيم استغلها كثير من البائعين.

في الواقع، تم تحويل العديد من الشحنات المتجهة أصلاً إلى آسيا في الأشهر الأخيرة إلى أوروبا، ما يُبرز مدى ارتفاع السيولة والمرونة في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي.

وبينما انخفضت أسعار الغاز الأوروبية بشكل حاد عن أعلى مستوياتها الأخيرة، سواءً بسبب تحويل الإمدادات إلى المنطقة أو بسبب أنباء عن احتمال تعديل الاتحاد الأوروبي لقواعد سعة التخزين الخاصة به، استمرت الواردات الكبيرة لأوروبا. وبالتالي، يبدو أن التجار يراهنون على تغيير في ديناميكيات التسعير الأوروبية.

وارتفعت واردات الغاز الطبيعي المسال للقارة العجوز في مارس إلى 10.8 مليون طن، وهو رقم قياسي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام. وشكلت الشحنات الأمريكية 54% من الإجمالي. وربما عكس ارتفاع الواردات بالفعل اتجاه انخفاض المخزونات، التي سجلت في 22 مارس أول زيادة لها - بنسبة 0.06% - منذ بداية نوفمبر.

ويعني الانخفاض الحاد في المخزونات هذا العام أن المنطقة ستضطر إلى استيراد 20 مليون طن متري إضافية، أو حوالي 250 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، مقارنة بالعام الماضي لتحقيق أهداف التعبئة، وفقاً لحسابات رويترز.

الخبر السار هو أنه من المقرر بدء تشغيل كميات كبيرة من إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في وقت لاحق من هذا العام وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، ومعظمها من قطر والولايات المتحدة. الأمر الذي سيضيف سيولة إلى سوق الغاز الطبيعي المسال سريع النمو، ويوفر للمتداولين المزيد من فرص المراجحة التي قد تساعد على الحد من تقلبات الأسعار الإقليمية.

ولكن في الوقت الحالي، يمنح التباطؤ في واردات الصين أوروبا شريان حياة تحتاج إليه بشدة في مواجهة التحدي المتمثل في إعادة ملء مخزوناتها المستنفدة من الغاز بحلول الشتاء المقبل.

*كاتب متخصص في شؤون الطاقة لدى «رويترز»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا