الارشيف / فيديو / صحيفة اليوم

.. الوسيط الذي يعيد تشكيل العالم


في خضمّ التوترات العالمية المحتدمة، وبين جبهات الحرب الباردة المتجددة بين الولايات المتحدة وروسيا، ظهرت المملكة العربية كلاعب ثالث لا يسعى فقط إلى التهدئة، بل إلى إعادة تشكيل موازين القوى بذكاء استراتيجي غير مسبوق..
لم تعد مجرد طرف محايد، بل تحولت إلى محور توازن ووسيط قادر على مخاطبة العاصمتين الأكثر تصادماً على المسرح الدولي، بلغة المصالح والمصداقية.
إن الحديث عن وساطة سعودية بين واشنطن وموسكو لم يعد حلماً دبلوماسياً طموحاً، بل أصبح سيناريو واقعياً، تدفع إليه معطيات جيوسياسية دقيقة، فالسعودية بثقلها الديني والاقتصادي والسياسي، وبما راكمته من خبرات في التفاوض المتعدد المسارات، باتت في موقع فريد يسمح لها بلعب دور الوسيط النزيه والفاعل، في وقت تغيب فيه الثقة المتبادلة بين القوى الكبرى.
منذ عقود، كانت الوساطات الكبرى حكراً على الدول العظمى أو القوى الغربية التقليدية، لكن التحولات التي أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية، والارتباك في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، والصعود الآسيوي بقيادة ، جعلت الحاجة تزداد إلى طرف ثالث يتمتع بعلاقات مستقرة ومتوازنة مع الجميع. وهنا تبرز السعودية؛ لها شراكات استراتيجية وثيقة مع الولايات المتحدة، اقتصادية وعسكرية وسياسية، واحتفظت بعلاقات دبلوماسية مستمرة وقنوات حوار مفتوحة مع روسيا، بل وتعاونت معها في ملفات ضمن إطار «أوبك+» كما أنها لم تدخل في سياسة المحاور، بل تبنت رؤية مستقلة تُعرف بـالسعودية أولاً وهو ما عزز من صورتها كقوة عقلانية وسط عالم متوتر، فضلاً عن امتلاكها نفوذاً كبيراً في أسواق الطاقة يجعلها قادرة على التأثير في حسابات الطرفين، خصوصاً في ظل الارتباط العميق بين الاقتصاد والسياسة.
عندما بدأت السعودية بتحرك دبلوماسي فعلي بين واشنطن وموسكو، تشكلت وساطة مختلفة أقرب إلى هندسة تدريجية لمناخ الثقة، لا إلى تسوية شاملة فورية. قد تبدأ بخطوات صغيرة، مثل التهدئة في ملفات الطاقة، أو فتح قنوات حوار غير رسمية عبر أطراف ثالثة موثوقة، لتصل لاحقاً إلى تفاهمات سياسية أوسع، سواء بشأن أوكرانيا أو التسلح أو حتى الملف الإيراني. السعودية أثبتت مؤخراً ، من خلال وساطتها الإنسانية التي أفضت إلى تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، أنها قادرة على لعب أدوار تتجاوز التقاليد الدبلوماسية، وتدخل في مساحات معقدة تتطلب مهارة توازن نادرة.
لذا، عندما تنجح هذه الوساطة وتتضح ملامحها ستكون السعودية قد دخلت رسمياً نادي صانعي النظام العالمي. ولن يعود يُنظر إليها كمجرد قوة إقليمية كبرى، بل كفاعل دولي قادر على جمع المتناقضات، وتقديم نموذج جديد للدبلوماسية المستقلة والمتزنة. هذا التحول، لا يرتبط فقط بالملف الروسي ، بل سيمتد إلى مستقبل النزاعات الكبرى، من آسيا الوسطى حتى القوقاز، ومن إفريقيا إلى بحر الصين الجنوبي، حيث ستكون الرياض قادرة على لعب دور الوسيط، لا لأنها تملك القوة فحسب، بل لأنها تملك الثقة، وهي العملة الأندر في دبلوماسية القرن الحادي والعشرين.
في عالم يعيد تشكيل خرائطه السياسية بالقوة والخداع والتحالفات المؤقتة، تبرز السعودية كقوة استقرار تعتمد على العقل والخبرة والاتزان. وربما يكون المستقبل أقرب مما نتصور، حين يُصبح في عرف القوى العظمى أن من يريد السلام لا يذهب إلى نيويورك أو جنيف.. بل إلى الرياض التي تؤدي لها كل الطرق..
@malarab1

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا