الارشيف / عرب وعالم / السعودية / عكاظ

في القرى.. شغف لا يُغيّره الزمن

ما إن يقترب حتى تتهيأ القرى لسكانها؛ الذين رحلوا منها نحو المدن، لظروفهم العملية والتعليمية أو اكتمال الخدمات، مفضلين استنشاق الفرح بين الآباء والأقارب والأصدقاء في قراهم، التي ضمّت ذكريات الطفولة والدراسة، وما زالت العادات والتقاليد بطابعها التراثي لم تتغيّر كثيراً.

وهذا ما يعيد لها أبناءها في العيد، الذي ما إن يقترب حتى تشاهد الأمتعة تشد، والمركبات تزدحم بها الطرقات نحو القرى، وقد أصبح العيد فيها شبه إلزامي محفوفاً بالشوق والحنين، وتبديداً لغياب الأشهر الطويلة عن لقاء الأهل والأحباب.

ويتفق الكثيرون أن العيد في القرية أفضل منه في المدينة، حيث التواصل المفتوح والبساطة وعدم التكلّف.

وقال فيصل الزهراني: «أحرص على قضاء العيد في قريتي بمنطقة الباحة، فلا أجمل من استقباله بين والديك وأقربائك». ويضيف سعود البقمي: «سكان القرى يعيشون أجمل أوقاتهم الحميمية في هذه الأيام، لتمتلئ بالزوار والأقارب، البيوت مفتوحة والزيارات على الأقدام، لا شيء يدعو للتكلف أبداً.

ووصفت سارة العتيبي، العيد في القرية بإسبرين المتعة والدهشة، كل ما فيها يجدد الذكريات ويزرع البهجة ويعيد النشاط والحيوية. ويضيف فهد الروقي أن آخر عهد بقريته ربما مضى عليه أشهر، وهذا حال الكثيرين الذين يرتبطون بالعمل والمدارس داخل المدن، ليصبح العيد متنفساً لهم في القرية هرباً من ضجيج المدن وزحام الأسواق.

وكشف بدر العتيبي -مسؤول وحدات سكنية بإحدى الشقق المخدومة- أن نسب تشغيل الشقق في المراكز والقرى الريفية أثناء العيد تصل إلى ١٠٠٪، وترتفع فيها الإيجارات، حيث يبدأ الحجز من العشر الأواخر في ؛ لأنها ملتقى الأقارب والأصدقاء خلال هذه المناسبة، وعادة ما يكون الحجز لثلاثة أيام فقط، حيث تنشط الحركة السياحية والتجارية وتنتعش الأسواق والدكاكين القديمة ويشاهد الأقارب بعضهم بعد غياب طويل.

شوق للبساطة وموطئ الذكريات

أوضحت الأخصائية الاجتماعية آمال عبدالقادر، بقولها: «ما إن يقترب العيد حتى يبدأ كثير من سكان المدن بحزم أمتعتهم، متجهين نحو القرى التي غادروها، وكأن شيئاً ما يناديهم، فقد تكون الذكريات، أو الحنين إلى البساطة، أو ربما الرغبة في استعادة ذلك الإحساس العميق بالعيد كما كان في الطفولة، حينما لم يكن الهاتف هو أول من يهنئنا، ولم تكن التهاني تختصر في رسالة جماعية».

وأضافت: «الفرح لا يحتاج إلى ترتيب في القرية، حيث تبدأ أجواء العيد بحلول أواخر الشهر الفضيل لتطغى روح الجماعة هناك في الاستعداد له، يتعاون الجميع في تنظيف البيوت، وتزيينها، وتحضير الأكلات الشعبية، وحتى في تجهيز المصليات والساحات العامة؛ ما يعزز الإحساس بأن العيد ليس مجرد يوم احتفالي، بل هو حدث اجتماعي متكامل يوحد الجميع، وفي العيد تشاهد الصغار ملوكاً، إذ في القرى لا يفقد نكهته الحقيقية مع الزمن؛ لأن الأطفال هناك ما زالوا يعيشونه بالشغف القديم نفسه، والعيدية لا تزال توزع بالأيدي لا عبر التحويل البنكي، والألعاب ما زالت تُلعب في الساحات لا على الشاشات، ولا يخشى الأطفال من الانطلاق في الحارات، ولا يُلزمون بجدول صارم يمنعهم من قضاء العيد كما يشاؤون.

إشعال النار ورمي بالبندق

تحدث المؤرخ عيسى القصير بقوله: «بالنسبة للاحتفال بعيد الفطر في قرى وضواحي الطائف أيام زمان كانت تصلهم الأخبار من الطائف بأن غداً أول أيام العيد قبل أن تصل الكهرباء للقرى، فيذهب أحد أبناء القبيلة على رأس الجبل ويشعل النار بقرب العيد، وكذلك الرمي بالبندق البارود. ومن العادات والتقاليد الجميلة بعد صلاة العيد تجتمع أفراد الأسرة والأقارب والأرحام، ويفطرون على القرصان والسمن والعسل، وبعد الإفطار يلعبون بالبنادق والسيوف والتعشير بالبنادق مع الأهازيج الشعبية، أما بالنسبة للغداء تجتمع الأسرة عند كبير العائلة وكذلك وجبة العشاء من السليق، لتبدأ الألعاب الشعبية ويحلو السمر بالسوالف والأمجاد والشعر وهكذا ينتهي اليوم الأول، وتستمر الأعياد عدة أيام».

إعلام القرى ينقل الاحتفالات

بين المحاضر بقسم الإعلام بجامعة الطائف ناهس العضياني، أن وسائل الإعلام الحديثة، خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي، تعمل على نقل احتفالات وفعاليات العيد داخل المجتمع، وتنتشر خصوصاً في القرى والمناطق الريفية نظراً إلى تجمّع العوائل وإقامة احتفالاتهم المتنوعة بها؛ نظراً إلى أن غالبية أهالي القرى يعملون في مدن ومحافظات كبيرة أجبرتهم على الهجرة منها.

ونوه بقوله: تساهم مواقع التواصل الاجتماعي في نقل هذه الفعاليات ووصولها إلى كافة المجتمع حيث نلاحظ احتفالات وثقافات مختلفة من تنوع في الفنون والأكلات الشعبية بتنوع الثقافات المحلية في أرجاء المملكة وجعلتنا مواقع التواصل الاجتماعي نعيش مع هذه الاحتفالات القروية في الوقت نفسه ونتعرف على ثقافاتهم ونعايشها افتراضياً.

بين الماضي والحاضر

قالت الباحثة في الأدب الشعبي تغريد الثبيتي: العيد في الماضي يبدأ بليلة مليئة بالأهازيج وتحضير الحناء وتجهيز المنازل، حيث يشارك الأطفال والنساء في تلك الطقوس المميزة، وفي صباح العيد يبدأ الجميع بالصلاة، ثم يتنقلون من بيت لآخر لتبادل السلام وتناول قهوة العيد، وهي من أهم المناسبات الاجتماعية التي كان يتشارك فيها جميع أفراد القرية، وكان الناس في ذلك الوقت يحرصون في الأعياد على اللقاء والتواصل حيث تزداد الروابط الاجتماعية قوة.

‏وأضافت: مع مرور الزمن تغيرت تلك الطقوس، فاليوم أصبح العيد يقتصر على السلام وتبادل الرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقلَّت بشكل ملحوظ الزيارات التقليدية التي كانت تقوي الروابط بين الناس، كما أصبح العيد يقتصر على التجمعات البسيطة في المنازل أو المتنزهات، أما الزيارات فقد انحسرت لتقتصر على العائلة الصغيرة بسبب تباعد أفراد العائلات في المدن المختلفة، وما زالت بعض العائلات تحرص على الحفاظ على تقاليد العيد وإحياء الأجواء القديمة، بفضل حكمة كبار العائلة ورغبتهم في الحفاظ على روح هذه المناسبة العظيمة.

‏وأضافت: على الرغم من جميع التغيرات، فإن بهجة العيد تبقى حاضرة في قلوب الكثير، خصوصاً لدى الأطفال الذين هم جوهر الفرح. وتستمر روح العيد في منح الناس شعوراً بالسلام والمحبة، حتى إن اختلفت طرق التعبير والاحتفال.

‏في ، تظل العادات القديمة في الاحتفال بالعيد تُظهر جانباً من التكاتف الاجتماعي والتواصل، على الرغم من أن هذه المظاهر تغيرت بشكل ملحوظ في عصرنا الحالي.

«الدليلة».. ومنتجات لمحبي المغامرات

أطلقت روح الهوية الرسمية للسياحة السعودية برنامج «الدليلة» على موقعها الإلكتروني وتطبيق روح السعودية، لتعريف محبي المغامرات بالطرق البرية، من خلال العديد من البرامج، والمنتجات، والأماكن السياحية المتنوعة، ويُسهل الوصول إلى عدد من الأماكن والباقات السياحية المختلفة التي تسهم في تعزيز تجربة الزوار من داخل وخارج المملكة ضمن برنامج «شتاء السعودية».

ويقدم «الدليلة» أربع خدمات لمستخدميه؛ منها أكثر من 50 طريقاً في «خريطة الدليلة»، التي تتميز بعملها من دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت، وتسهم في مساعدة المستخدمين على عدم إضاعة الطريق أثناء التجول في الوجهات البرية والطرق الوعرة، كما يقدم المنتج «مجتمع الدليلة»؛ الذي يتيح فرصة تكوين مجتمع سياحي يمكن التفاعل والتخطيط مع الأصدقاء والعائلة عبره، إضافة إلى إرسال الدعوات للانضمام إلى التجارب والمغامرات.

كما يضم خدمة «تجارب الدليلة» المعنيّة بمختلف تفاصيل التجارب والمغامرات من حجز واستكشاف، وتشمل الفعاليات المقدمة أنشطة متنوعة مثل صعود الجبال، ومشاهدة النجوم، وتسلق الصخور، وقيادة الدراجات، وركوب الخيل ورحلات الجمال، كما سيتم تفعيل «منصة الدليلة التعليمية» في مرحلة لاحقة؛ حيث تقدم المنصة دورات تدريبية لتطوير عدد من المهارات اللازمة في الأنشطة الخارجية وبشهادات معتمدة.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا