- يُعد ألفريد مارشال من أبرز علماء الاقتصاد خلال أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وذلك بفضل إسهاماته الجليلة في تطوير الفكر الاقتصادي من خلال مؤلفه الذائع الصيت "مبادئ الاقتصاد"، الذي صدر عام 1890.
- وسرعان ما تبوأ هذا الكتاب مكانة المرجع الأساسي في علم الاقتصاد، ولا يزال يُدرس في أروقة الجامعات حول العالم حتى يومنا هذا.
- ويُنظر إلى مارشال بوصفه المؤسس الفعلي للمدرسة الكلاسيكية الجديدة في علم الاقتصاد، وهي المدرسة التي مزجت بين التحليل الرياضي والاقتصادي لفهم سلوك المستهلكين والمنتجين في إطار الأسواق.
- انصب جُل اهتمام الاقتصاديين الكلاسيكيين الجدد على كيفية تحقيق الوكلاء والمستهلكين والمنتجين أقصى استفادة من الموارد النادرة في سوق معينة.
- وكان توضيح مارشال للعلاقة الجوهرية بين العرض والطلب حجر الزاوية في أسس المدرسة الكلاسيكية الجديدة، ولا تزال مفاهيمه راسخة حتى الآن في العديد من النماذج والنظريات الاقتصادية.
حياته وإنجازاته الأكاديمية
- وُلد ألفريد مارشال في عام 1842 في لندن لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. التحق بجامعة كامبريدج حيث درس الرياضيات، لكنه وجد شغفه الحقيقي في دراسة الاقتصاد بسبب اهتمامه بالتطبيقات العملية للمبادئ الرياضية على حياة الناس.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- استهل حياته الأكاديمية أستاذًا للاقتصاد السياسي في جامعة كامبريدج، وأصبح فيما بعد مؤسسًا لبرنامج الاقتصاد فيها.
- ناضل مارشال طوال مسيرته الأكاديمية لتطوير علم الاقتصاد كحقل دراسي مستقل، وساهم في تأسيس امتحانات الاقتصاد في كامبريدج، مما ساعد في تعزيز مكانة هذا التخصص أكاديميًا.
- وعلى الرغم من خططه لتأليف مجلد ثانٍ من كتابه "مبادئ الاقتصاد"، إلا أن هذا المشروع لم يرَ النور قط، ربما بسبب طموحه الكبير في تقديم عمل لا يشوبه أي شائبة.
إسهاماته في تطور علم الاقتصاد
- كان مارشال من أوائل الاقتصاديين الذين أَوْلوا اهتمامًا خاصًا لدور العرض والطلب في تحديد الأسعار داخل الأسواق.
- قدم شرحًا وافيًا لكيفية تفاعل هذين العاملين، مؤكدًا أن السعر النهائي للسلعة لا يتحدد بمجرد تكاليف الإنتاج كما كان يُعتقد في المدرسة الكلاسيكية التقليدية، بل يستند أيضًا إلى المنفعة التي يُدركها المستهلك.
- ومن هنا، نشأ مفهوم "الفائض الاقتصادي"، الذي يُعبر عن الفرق بين ما يكون المستهلك على استعداد لدفعه مقابل سلعة معينة وبين ما يدفعه بالفعل.
- كما يُعد مارشال أول من أدخل بُعد الزمن في تحليل السوق، مشيرًا إلى أن العوامل المؤثرة في الأسعار تتباين باختلاف الأفق الزمني.
- ففي المدى القصير، قد تكون المنفعة التي يُدركها المستهلك هي العامل الحاسم في تحديد السعر، بينما في المدى الطويل، قد تضطلع تكاليف الإنتاج بالدور الأهم.
التحوّل نحو الاقتصاد السلوكي
- أدرك مارشال، على الرغم من اعتماده المكثف على النماذج الرياضية في تحليل الأسواق، أن القرارات الاقتصادية لا تُتخذ دائمًا على أسس عقلانية محضة، بل تتأثر بالعواطف والتوقعات الفردية.
- ومن هذا المنطلق، وضع الأساس لما يُعرف اليوم بعلم الاقتصاد السلوكي، وهو الحقل الذي يدرس كيفية تأثير العوامل النفسية والاجتماعية على القرارات الاقتصادية للأفراد.
- يفترض الاقتصاد الجديد أن القيمة التي يُدركها المستهلك للمنتج هي التي تُحدد سعره في السوق، وأن الأفراد سيُقدمون على شراء سلعة بسعر أعلى من تكلفة إنتاجها إذا اعتقدوا أنهم سيجنون منها منفعة أكبر.
- أطلق الاقتصاديون الكلاسيكيون الجدد على الفرق بين تكلفة الإنتاج وسعر السوق الفعلي مصطلح "الفائض الاقتصادي".
- أظهر الفكر الكلاسيكي الجديد قدرة أكبر على تفسير الطرق التي يتخذ بها البشر قرارات تنحرف عن المنطق العقلاني؛ بمعنى آخر، كان يميل نحو العلوم السلوكية أكثر من ميله نحو الرياضيات الصرفة.
المساهمة في تطوير منهجية تدريس الاقتصاد
- لم يكن مارشال مجرد باحث نظري، بل كان أيضًا معلمًا فذًا؛ فقد سعى جاهدًا إلى تبسيط المفاهيم الاقتصادية وإيصالها إلى عامة الناس، مما جعله من أبرز المؤثرين في تدريس علم الاقتصاد.
- بذل قصارى جهده لجعل الاقتصاد أكثر ارتباطًا بالواقع، بعيدًا عن التفسيرات المجردة التي كانت سائدة في عصره.
نظرية فائض المستهلك وتأثيرها على الرفاه الاقتصادي
- تُعد نظرية "فائض المستهلك" إحدى أهم إسهامات مارشال في علم الاقتصاد، وهي تُفسر الفارق بين ما يكون المستهلك على استعداد لدفعه وما يدفعه فعليًا.
- أسهمت هذه النظرية في فهم كيفية توزيع الموارد الاقتصادية وتحليل تأثير الضرائب والسياسات الحكومية على رفاهية المجتمع.
- في حين أن هذا المفهوم قد يبدو بديهيًا نسبيًا في يومنا هذا، إلا أن النماذج الاقتصادية في زمن مارشال لم تكن تُولي اهتمامًا كافيًا للمعتقدات والتفضيلات والميزانيات المتباينة للأفراد. بل كانت تعتقد أن جميع المستهلكين سيتصرفون على نحو مماثل.
- وكما تُبين العديد من التحيزات المعرفية، فإن هذه النماذج الاقتصادية المثالية غالبًا ما تُغفل الطريقة التي يسير بها العالم على أرض الواقع.
- استخدم مارشال أفكاره حول فائض المستهلك لمناقشة رفاهية السوق، وهي دراسة لكيفية توزيع السلع والموارد الاقتصادية وتحديد الرفاه العام للمجتمع.
- وبذلك، تمكن من تحليل كيفية تأثير الضرائب وتقلبات الأسعار على الرفاه العام للمستهلكين. ومن الواضح أن مارشال، انطلاقًا من مبادئ مثل فائض المستهلك، كان مهتمًا بإضفاء طابع ديمقراطي على الاقتصاد، ورأى أنه يمكن التعامل مع الاقتصاد مع مراعاة القيم الأخلاقية.
إرثه الدائم
- لا يزال تأثير مارشال راسخًا بقوة في الفكر الاقتصادي الحديث. إذ يعتمد العديد من الاقتصاديين اليوم على نظرياته المتعلقة بالعرض والطلب وفائض المستهلك في تحليلاتهم للأسواق.
- كما أن مساهماته في دمج البعد السلوكي مع النماذج الاقتصادية التقليدية قد مهدت الطريق أمام تطورات لاحقة في الاقتصاد السلوكي.
- وقال مارشال ذات مرة: "إن أثمن رأسمال على الإطلاق هو الرأسمال المُستثمر في البشر"، وهو ما يعكس رؤيته الإنسانية للاقتصاد، حيث لم يكن ينظر إليه كعلم جامد، بل كأداة لتحسين حياة الناس وتقليل الفجوات الاقتصادية بينهم.
- في الختام، يبقى مارشال شخصية محورية في تاريخ الفكر الاقتصادي، إذ أرسى دعائم التحليل الاقتصادي الحديث، وأثرى النقاشات التي لا تزال قائمة حتى اليوم حول طبيعة الأسواق وسلوك المستهلك.
المصدر: ذا ديسشن لاب
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.