العريش ـ محمد حسينالجمعة، 28 مارس 2025 02:00 ص بين صفحات المصحف الشريف، خطَّ آدم محمد طياب رحلته الفريدة نحو حفظ القرآن الكريم كاملًا، ليثبت أن الإصرار والعزيمة قادران على صنع المستحيل ابن مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، والطالب بالصف الثانى الثانوى بمدرسة عمر شكرى الثانوية، كان واحدًا من خمسة فائزين فى المسابقة التى نظّمتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع محافظة شمال سيناء فى مستوى حفظ القرآن الكريم كاملا. بدأت رحلة آدم مع الحفظ فى الصف الثالث الإعدادى، ولم يكن الطريق مفروشًا بالورود، بل كان محفوفًا بالتحديات والمشقة، إلا أن الدعم الذى تلقاه من والديه وشيخه محمد لطفى كان العامل الأساسى فى تخطى الصعاب. يتذكر آدم اللحظات الأولى قائلًا: "كانت البداية شاقة، خاصة فى ضبط التلاوة، لكننى تعلمت أن الصبر هو مفتاح النجاح"، قرر آدم أن يبدأ الحفظ بدأ بسورة الناس وصولًا إلى سورة العنكبوت فى السنة الأولى، ثم أكمل مسيرته فى السنة الثانية حتى وصل إلى سورة الأعراف، قبل أن يختم حفظه لكتاب الله كاملًا. كان لأسرة آدم دورٌ كبيرٌ فى دعمه، حيث أحاطه والداه بالتشجيع والتحفيز المستمر، لكنَّ الدور الأبرز كان لشيخه محمد لطفى، الذى وصفه قائلًا: "يمكننى أن أردَّ جميل أى شخص قدَّم لى العون، لكن شيخى له فضلٌ لا يُرد، فقد حفّظنى كتاب الله ولم يتركنى لحظة واحدة". لم يكن الطريق سهلًا، فالإنسان بطبيعته معرضٌ للكسل، والنفس تميل إلى الراحة، إلا أن آدم تغلّب على كل العوائق بالإصرار والإيمان، يقول: "الحفظ مشقة، لأن النفس تُسوِّل للإنسان التراخى، لكن لا بد أن يكون أقوى منها، فالقرآن هو طريق النجاح والفلاح، وكل حرف يُقرأ يُضاعف الأجر". لم يكن حفظ القرآن بالنسبة لآدم مجرد هدفٍ شخصى، بل كان بوابةً للتحدى والتفوق، فى العام الماضى، حصل على المركز الأول فى مسابقة الأوقاف على مستوى المحافظة فى حفظ نصف القرآن الكريم، وكان ذلك دافعًا له ليكمل المشوار هذا العام حتى أتمَّ الحفظ كاملًا وحصد المركز الأول مرة أخرى، لا يتوقف طموح آدم عند الحفظ فقط، بل يسعى إلى إتقان التلاوة، وفهم معانى الآيات، واستيعاب علوم القراءة، و يعشق الاستماع إلى كبار المقرئين مثل الشيخ محمد صديق المنشاوى، والشيخ محمود خليل الحصرى، ويتلقى توجيهات شيخه بضرورة التعلم من أسلوبهم والتأمل فى قراءاتهم. لم تكن رحلة الحفظ سهلة، فقد واجه العديد من التحديات، وكان عليه أن يخصص ساعات يومية للحفظ والمراجعة، كانت بعض الأيام تمر بصعوبة، خاصة عندما كان يشعر بالتعب أو الإرهاق من الدراسة، لكنه كان يدرك أن الطريق يحتاج إلى تضحية. يروى آدم قائلًا: "كانت هناك أيام أشعر فيها بالإحباط، لكننى كنت أذكر نفسى بالهدف الذى أسعى إليه، وأن الوصول إليه يحتاج إلى الصبر والمثابرة"، و فى بعض الأوقات، كان عليه أن يستيقظ مبكرًا لحفظ أجزاء جديدة قبل الذهاب إلى المدرسة، وأحيانًا كان يراجع ما حفظه فى فترات الراحة بين الحصص الدراسية. لم يكن آدم وحده فى هذه الرحلة، بل وجد دعمًا كبيرًا من أصدقائه وزملائه فى المدرسة، الذين كانوا يشجعونه دائمًا، كما أن مدرسيه كانوا يقدرون جهوده، ويمنحونه وقتًا إضافيًا للمراجعة عند الحاجة. يقول آدم: "لقد وجدت بيئة داعمة حولى، وهذا ساعدنى كثيرًا فى الاستمرار والمواصلة". إلى جانب ذلك، كان والديه دائمًا يقدمان له الحافز والدعم النفسى، فلم يكن يشعر أبدًا بأنه يسير وحده فى هذا الطريق. عندما شارك فى مسابقة الأوقاف، كان يشعر ببعض التوتر، لكنه كان واثقًا مما حفظه، جلس أمام لجنة التحكيم وأجاب عن جميع الأسئلة بدقة وإتقان، وبعد إعلان النتيجة، شعر بسعادة غامرة، خاصة عندما علم أنه بين الخمسة القائزين بالمركزالأول. يعلق قائلًا: "كان هذا اليوم من أسعد لحظات حياتى، لأنه كان تتويجًا لكل الجهد الذى بذلته طوال السنوات الماضية". يؤمن آدم بأن حفظ القرآن ليس مجرد كلمات تُردد، بل هو أسلوب حياة. فالقيم التى تعلمها من القرآن أصبحت جزءًا من شخصيته، وساعدته على تطوير ذاته. يتحدث عن هذا الأمر قائلًا: "القرآن علمنى الصبر، والتفانى، والالتزام. لم يعد مجرد نصوص أحفظها، بل أصبح منهجًا أعيش به فى حياتى اليومية". أما عن المستقبل، فهو يطمح إلى الاستمرار فى دراسة علوم القرآن، وربما التخصص فى القراءات والتجويد. كما يرغب فى مساعدة الأطفال والشباب على حفظ القرآن، تمامًا كما فعل شيخه معه. يقول بحماس: "أرغب فى أن أنقل هذا العلم للجيل القادم، وأن أكون سببًا فى أن يحفظ المزيد من الشباب كتاب الله". من واقع تجربته، يوجه آدم رسالة لكل الشباب فى عمره، قائلًا: "ابحثوا عن شيخ متقن ليكون لكم عونًا، وابدؤوا الرحلة بهدوء، قد تبدو البداية صعبة، لكنها تصبح أسهل مع الوقت، والله يفتح على من يخلص نيته فى هذا الطريق". أما للأهل، فكانت كلماته واضحة ومؤثرة: "إن أردتم صلاح أبنائكم، اجعلوا القرآن طريقهم، فهو طريق الفلاح فى الدنيا والآخرة". وهكذا، يروى آدم محمد طياب قصة نجاحه، قصة الإصرار الذى قاد شابًا سيناويًا ليكون نموذجًا يُحتذى به فى حفظ القرآن الكريم، ويُثبت أن الطريق إلى النور يبدأ بخطوة، لكنها خطوة تحتاج إلى صبرٍ وإيمانٍ وعزيمة لا تلين. الشاب ادم طياب شاب حافظ القرأن كاملا يروي قصته لليوم السابع