اقتصاد / صحيفة الخليج

عصر أمريكا الذهبي في النووية

دانيال تيرنر *

أنفقت إدارة مئات المليارات من الدولارات لدعم مصادر المتجددة، وكانت النتيجة زيادة بنسبة 30% في أسعار المرافق الوطنية. ومع ذلك، ورغم إنتاج الكهرباء «المتقطع والمكلف»، لا يمكن لأي قدر من طاقة الرياح والطاقة الشمسية أن يصنع المطاط أو البلاستيك أو ملايين المنتجات التي نستخدمها، ولا يمكنه تشكيل الفولاذ أو إنتاج الأسمنت. صحيح أننا بحاجة إلى المزيد من الكهرباء، لكن فريق بايدن كان مصمماً على معارضة الوقود الأحفوري في سعيه لزيادة إنتاج الكهرباء، فلماذا أُهملت التكنولوجيا النووية في حوارات الطاقة؟
لا يوجد بديل وشيك للوقود الأحفوري في تصنيع المنتجات البتروكيماوية، ولكن لتلبية احتياجات الكهرباء تقف أمريكا على أعتاب ثورة في الطاقة النووية، حيث أثبتت التكنولوجيا النووية المتقدمة، والمفاعلات المعيارية الصغيرة أن بإمكانها إحداث فرق كبير.
وكما هو الحال في الحرب على الفحم والهجمات المستمرة على النفط والغاز، فإن الطاقة النووية لديها نفس المجموعة من النشطاء المتطرفين الذين يسعون إلى إحباط تقدم أمريكا في هذا المجال. ومثال ذلك، رئيس لجنة تنظيم الطاقة النووية السابق في عهد أوباما، غريغوري جاكزكو، المعروف بمعارضته للطاقة النووية، والذي جرى تقديمه في أحد المؤتمرات مؤخراً كخبير موضوعي في هذه التقنيات المستقبلية، تماماً مثل جلسة حوار حول لحوم البقر يديرها نباتيون.
وبصفته رئيساً للجنة التنظيم النووي، حرص جاكزكو، بشكل محبط، على كبح جماح الابتكار النووي في كل خطوة. صوّت ضد افتتاح أي محطات طاقة نووية جديدة، وذهب إلى حد الدعوة إلى حظر عالمي للطاقة النووية، كما أن منحه منصةً لمواصلة الترويج لآرائه المتطرفة في القطاع أمر محير.
ولحسن الحظ، لدى أمريكا فرصة لطي صفحة هذه الأجندة المناهضة للطاقة واحتضان حقبة جديدة من الطاقة النووية بشكل كامل. في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، أرسى أسس سياسات داعمة للابتكار تشجع على تطوير تقنيات نووية من الجيل التالي. الآن، لدينا فرصة للتحرر من عوائق الماضي البيروقراطية وبدء عصر ذهبي للطاقة النووية.
وفي هذا الصدد، وقّعت شركة «أوكلو» Oklo، ومقرها كاليفورنيا، اتفاقيات لنشر مفاعلات نووية صغيرة لتشغيل مراكز البيانات، لتواصل أمريكا ريادتها العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، دون أن تتنازل لخصومها التجاريين. ونحن بحاجة إلى زيادة إنتاج الكهرباء للتصنيع، ولتوسيع المساكن في المدن والضواحي، وللاستخدامات التجارية والزراعية والسكنية، فما العائق الوحيد؟ اللوائح القديمة، والجمود البيروقراطي، والمعارضة الأيديولوجية من أشخاص معروفين بالاسم.
لقد رأينا هذه الاستراتيجية من قبل. نفس النشطاء الذين يدّعون زوراً دعمهم «للطاقة الخضراء» هم في الواقع جماعات ضغط تُروّج لطاقة الرياح والطاقة الشمسية غير الموثوقة كخياري طاقة مقبولين فقط، متجاهلين استخدامهم الهائل للأراضي، ومشاكل سلسلة التوريد، واعتمادهم على المعادن الأرضية النادرة من دول مثل . في المقابل، تُوفّر الطاقة النووية مصدر طاقة مستقراً ببصمة بيئية أقل بكثير، وجميع المواد الخام متوفرة لدينا هنا في أمريكا.
لدى الرئيس ترامب فرصة جديدة لدعم هذه القضية، عبر تجاوز العوائق التي طالما حدّت من مقدرات التطوير النووي. فمن خلال إعطاء الأولوية لتبسيط الموافقات التنظيمية، ودعم الأبحاث في مفاعلات الجيل القادم، والتصدي للناشطين المناهضين للطاقة النووية الذين يُثيرون الخوف، يُمكن لإدارته إطلاق العنان لكامل إمكانات الابتكار في مجال الطاقة.
يحتاج القطاع النووي إلى مواد خام أمريكية وقوى عاملة أمريكية. وسيؤدي التوسع النووي، إلى جانب دعوة الرئيس ترامب لإعادة فتح محطات الغاز الطبيعي والفحم النظيف، إلى خفض تكاليف الكهرباء إلى مستويات منخفضة بعد أربع سنوات من سياسات بايدن الكارثية في مجال الطاقة.
مع تزايد الحاجة إلى مصادر طاقة موثوقة ومستدامة، تبرز الطاقة النووية كخيار لا غنى عنه لتأمين مستقبل الطاقة في أمريكا. ورغم العقبات التنظيمية والمواقف الأيديولوجية المناهضة، فإن التقدم في تقنيات المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة يمنح الولايات المتحدة فرصة ذهبية لقيادة العالم في مجال الطاقة النظيفة والمستدامة. كما أن تجاوز البيروقراطية ودعم الابتكار النووي سيسهمان في خفض تكاليف الكهرباء وتعزيز الاستقلالية في مجال الطاقة.
إن مستقبل الطاقة النووية مشرق، وما علينا سوى اغتنام هذه الفرصة والانطلاق نحو عصر جديد من التقدم والازدهار. فقد حان الوقت لرفض سياسات الماضي وتبني حلول الطاقة التي ستُعزز قدرة الولايات المتحدة في هذا المجال.
لقد بدأ العصر الذهبي الأمريكي للطاقة النووية، فهل نحن على استعداد لاغتنامه؟
* المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة «قوة المستقبل» المعنية بتوفير فرص عمل في قطاع الطاقة الأمريكي «ريل كلير إنيرجي»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا