محمد عبد الرحمن

تتناول الدراما التلفزيونية والسينما موضوع الخلافات الزوجية والأسرية منذ عقود، إلا أن هذا الاهتمام شهد تزايدًا ملحوظًا مع التطور التكنولوجي الكبير وعصر العولمة، حيث أصبح أفراد الأسرة يعيشون في عزلة داخل المنزل الواحد. لم يعد التواصل كما كان من قبل، فالهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي خلقت جزرًا منعزلة داخل الأسرة نفسها، مما زاد من الفجوة بين الأزواج والأبناء. ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية العالمية وتزايد الأعباء المعيشية، برزت حالة من الفتور في العلاقات الزوجية، حيث أصبحت الضغوط اليومية أقوى من مشاعر التقارب والتفاهم.

لكن ربما الجديد ليس في تناول هذه المشكلات، بل في الطريقة التي تُقدَّم بها. مسلسل حسبة عمري للنجمة روجينا يقدم هذه القضايا الاجتماعية بلمسة ساخرة، حيث يدمج بين الجدية والهزل في بعض المواقف، مما يجعله أكثر قربًا من الجمهور. منذ لحظاته الأولى، يُدخِل المسلسل المشاهد في عالم من التفكك الأسري والتفسخ الاجتماعي بين مختلف الفئات العمرية، حيث لكل فرد اهتماماته الخاصة التي تتعارض مع الآخر. لا يكتفي العمل برصد المشكلات، بل يبرز كيف أصبح التواصل داخل الأسرة تحديًا حقيقيًا، في ظل انشغال كل فرد بعالمه الافتراضي أو همومه الحياتية الخاصة.

ما يميز المسلسل هو جرأته في تناول بعض القضايا التشريعية، حيث يعرضها من زاوية هزلية ساخرة، مما يسهم في جعلها أكثر بساطة وسلاسة في التقديم، وبالتالي تفاعل الجمهور معها بشكل أكبر. فبدلًا من تقديمها في إطار جاف أو مباشر، ينجح العمل في توصيل رسالته من خلال الضحك والدراما في آنٍ واحد، مما يضفي عليه طابعًا خاصًا يميزه عن الأعمال التقليدية التي تناولت نفس القضايا.

أما أداء روجينا، فيعكس نضجًا تمثيليًا واضحًا، حيث تمكنت من تقديم شخصية تجمع بين الجدية والكوميديا بسلاسة، ما جعل دورها مقنعًا ومؤثرًا. براعتها في الانتقال بين لحظات التوتر والضحك أضافت طابعًا إنسانيًا للشخصية، مما جعل المشاهد يتفاعل معها بسهولة. بفضل هذا الأداء المتوازن، استطاعت أن تحمل العمل على عاتقها، مقدمًة شخصية واقعية تعبر عن حال الكثير من النساء اللاتي يعشن هذه الضغوط يوميًا.

في النهاية، يمكن القول إن حسبة عمري ليس مجرد مسلسل اجتماعي عن الخلافات الزوجية، بل هو مرآة تعكس التغيرات التي طرأت على شكل الأسرة الحديثة، مسلطًا الضوء على ما أصاب العلاقات الأسرية في عصر العولمة والتكنولوجيا، بأسلوب يمزج بين الجدية والسخرية، ليقدم صورة أكثر واقعية لحياتنا اليوم.

شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025