25 مارس 2025, 10:06 صباحاً
من قلب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تثير قلق أوروبا بشدة، تكشف تسريبات حصرية لمحادثات رفيعة المستوى عن رؤية مثيرة للقلق تجاه الحلفاء الأوروبيين، فبينما كانت الأنظار تتجه نحو الشرق الأوسط واحتمالية توجيه ضربة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، كانت أوروبا تجد نفسها، مرة أخرى، في مرمى سهام الانتقادات الأمريكية؛ بل في قلب النقاش الدائر حول هذه الضربة. هذه التسريبات، التي وصلت إلى الصحفي جيفري جولدبرج؛ من مجلة "أتلانتيك"، لم تثر غضب الجمهوريين فحسب بسبب طبيعتها الاستخباراتية الحساسة؛ بل ألقت الضوء على شرخٍ عميقٍ في وجهات النظر داخل الإدارة الأمريكية تجاه الدور الأوروبي في حفظ الأمن العالمي.
استياءٌ متزايدٌ
تبرز في هذه المداولات شخصية جي دي فانس؛ المسؤول الرفيع في إدارة ترامب، كصوتٍ محوري يعكس هذا الاستياء المتزايد. فبينما يبدو ظاهريًا أن النقاش حول ضربة الحوثيين يتعلق بحماية التجارة البحرية واحتواء النفوذ الإيراني، يصر فانس على ربط هذه العملية بشكلٍ مباشرٍ بتقاعس أوروبا عن تحمُّل مسؤولياتها الدفاعية.
"أعتقد أننا نرتكب خطأً"، كتب فانس في معرض تعليقه على الضربة المحتملة، مشيرًا إلى أن 40% من التجارة الأوروبية تمر عبر قناة السويس، بينما لا تتجاوز النسبة 3% بالنسبة للولايات المتحدة. هذا التباين، بحسب فانس، يضع علامات استفهام كبيرة حول الدور الذي يجب أن تلعبه أوروبا في تأمين هذه الممرات الحيوية، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
ويرى فانس أن الضربة، في جوهرها، تحمل رسالة واضحة لأوروبا: لقد حان الوقت لتتوقف عن الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة في توفير أمنها. هذا المنطق يتماشى مع حججه السابقة التي ينتقد فيها الإنفاق الأمريكي المبالغ فيه على الأمن الأوروبي، وتصريحاته التي قلل فيها من شأن القدرات العسكرية لبعض الدول الأوروبية. "أقوى سبب للقيام بذلك هو، كما قال ترامب، إرسال رسالة"، يؤكد فانس، مضيفًا أن الولايات المتحدة تقوم مرة أخرى بما يجب أن تقوم به أوروبا.
خلافاتٌ داخلية
تكشف المناقشات المسرّبة عن وجود تباين في وجهات النظر داخل الإدارة. فبينما يشارك وزير الدفاع بيت هيجث؛ فانس؛ في "ازدرائه التام للمستغلين الأوروبيين"، إلا أنه يشير إلى إمكانية تأجيل الضربة إذا لزم الأمر.
من جهته، يرى مستشار الأمن القومي مايكل والتز؛ أن الولايات المتحدة ستضطر في نهاية المطاف إلى إعادة فتح هذه الممرات البحرية، لكنه يتفق مع فكرة تحميل الأوروبيين تكاليف ذلك. أما ستيفن ميلر، المقرّب من ترامب، فيبدو أنه يحسم الجدل بالإشارة إلى أن الرئيس أعطى "الضوء الأخضر" للعملية، لكن مع توضيح التوقعات من مصر وأوروبا مقابل ذلك.
تشير المداولات أيضًا إلى النفوذ المتزايد لنائب الرئيس في دوائر صُنع القرار المتعلقة بالسياسة الخارجية. فقد سمّى فانس مستشاره للأمن القومي، آندي بيكر؛ ممثله في هذه المناقشات، بينما سمّى هيجث؛ دان كولدويل؛ المعروف بدعوته إلى "كبح النفس" في استخدام القوة الأمريكية لحماية أوروبا. هذا يعكس وجود فريق لفانيس يتمتع بنفوذ كبير داخل البنتاغون.
مخاوف أوروبية
تثير هذه التسريبات قلقًا عميقًا في الأوساط الأوروبية. فقد وصفت كاجا كالاس؛ رئيسة السياسة الخارجية الأوروبية، فانس؛ بأنه "يحاول استفزاز" حلفاء أوروبا. ووصفه دبلوماسي أوروبي آخر بأنه "خطير جدًا على أوروبا... ربما الأخطر في الإدارة"، مضيفًا أنه "مهووس" بدفع فجوة بين أوروبا والولايات المتحدة.
وفي جوهر الأمر، تعكس هذه الخلافات رؤيتيْن مختلفتيْن للعالم. فبينما يرى ترامب العالم من منظور صفقات مالية، ويأمل في إجبار أوروبا على زيادة إنفاقها الدفاعي، يتبنى فانس موقفًا أكثر تصادمية ومبدئية في معارضته للتحالف عبر الأطلسي، وينتقد القادة الأوروبيين لدعمهم؛ قيمًا يعتبرها غير متوافقة مع الولايات المتحدة.
وفي نهاية المطاف، تبرز هذه التسريبات التحديات الكبيرة التي تواجه العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا. فمع وجود أصوات قوية داخل الإدارة الأمريكية تقلل من أهمية التحالفات التقليدية، وتدعو إلى تحميل الحلفاء مسؤولية أكبر، يزداد القلق في أوروبا بشأن مستقبل هذه الشراكة الإستراتيجية.. فهل ستستجيب أوروبا لهذه الرسائل وتزيد من إنفاقها الدفاعي ودورها في حفظ الأمن العالمي؟ أم أن هذه التسريبات ستعمّق الخلافات وتؤدي إلى مزيدٍ من التصدُّع في العلاقات عبر الأطلسي؟
يبقى هذا السؤال مفتوحاً ليجيب عنه المستقبل القريب.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.