فن / اليوم السابع

معتمد عبد الغني يكتب: لماذا كان موت "مفتاح" ضرورة فنية وأخلاقية؟

عُرض ولاد الشمس خلال شهر 2025، ليُحدث جدلًا واسعًا حول خياراته الدرامية الجريئة، لا سيما المأساوية للبطل "مفتاح" (طه دسوقي)، الذي يضحّي بنفسه لإنقاذ صديقه "ولعة" (أحمد مالك) من طعنة قاتلة يوجّهها أحد رجال الشرير "بابا ماجد" (محمود حميدة).

المسلسل، الذي يدور حول صديقين نشآ في ملجأ للأيتام وكرّسا حياتهما لمحاربة استغلال الأطفال في أعمال مشبوهة، يطرح أسئلة عميقة عن الثمن الباهظ للفداء، وعن التوازن بين العدالة الفنية والعدالة الأخلاقية في سياق العمل الدرامي.

منذ اللحظة الأولى، يُقدِّم المسلسل علاقة "مفتاح" و"ولعة" كنسيج إنساني معقّد؛ فكلاهما وليد معاناة واحدة، عاشا تحت سطوة "بابا ماجد"، الذي حوَّل الملجأ إلى وكر لجرائمه. لكن بينما تحوَّل "ولعة" إلى شخصية ثائرة تحمل همّ الإنقاذ الجماعي للأطفال الصغار، ظلَّ "مفتاح" يعيش صراعًا داخليًا بين ولائه لصديقه وخوفه عليه من معرفة الحقيقة التي كان يدركها منذ حادثة سرقة الملفات من فيلا "ياسين بيه"، وفي الوقت ذاته، معاناته في تكوين أسرة حقيقية بعدما عاش ثلاث سنوات في كنف أسرة تخلَّت عنه بعد إنجاب طفلها البيولوجي.

هنا تكمن عبقرية الكتابة: تحويل الصداقة من مجرد رابط عاطفي إلى ميدان للصراع بين الالتزام بالقضية المشتركة والرغبة الفردية. فحلم "مفتاح" ببيتٍ هادئ كان يستحيل تحقيقه في ظلّ الحرب المستمرة ضد الشر، ما جعل موته -من وجهة نظر درامية- ليس خسارة، بل تحقيقًا لذاتٍ ظلَّت معلَّقة بين أحلام متضاربة.

لا يُقدَّم موت "مفتاح" كمأساة اعتباطية، بل كحصيلة منطقية لمسار الشخصية. فالمسلسل يُظهر منذ البداية أن الأبطال -رغم نبل هدفهم- ارتكبوا أخطاء أخلاقية؛ إذ وافقوا على ترويج مواد ممنوعة كجزء من خطة للإطاحة بسطوة "بابا ماجد" وتفوقه المادي عليهم من محبسه. وهذه نقطة بالغة الأهمية: فالنص يتعمَّد ألّا يُظهر الضحايا المباشرين لتلك المواد، ما يحافظ على تعاطف المشاهد مع الأبطال، لكنه في الوقت ذاته يزرع بذرة ذنب تفرض عقابًا دراميًا.

وهنا يظهر الموت كـ "تكفير" عن الخطيئة، وكتتويج لمسار التضحية الذي بدأه "مفتاح" حين فضَّل إنقاذ الأطفال على تحقيق ذاته. يطرح المسلسل إشكالية أخلاقية محورية: هل تُغفر جرائم الأبطال إذا كانت بُغية إنقاذ الضعفاء؟ الكتابة ترفض تقديم إجابة سهلة، وتختار بدلًا من ذلك "عقابًا" يُوازن بين البطولة والثمن. فموت "مفتاح" ليس مجرد مشهد مأساوي مؤثِّر، بل هو تأكيد على أن النهايات السعيدة المطلقة غير ممكنة في عالم تختلط فيه الأخلاقيات بالضرورات.

حتى "ولعة"، الذي نجا، يعيش -بعد رحيل صديقه- حالة من التطهُّر الذاتي، كأنَّ حياته امتدادٌ لذكريات التضحية. وفي المشهد الأخير، حيث يسقط "مفتاح" بين ذراعي صديقه، يُدرك المشاهد أن هذه النهاية كانت الضريبة الفنية والأخلاقية التي حفظت للمسلسل تماسكه. فلو عاش البطل، لتحوَّل الصراع إلى مجرد مغامرة انتصارية تتناسى تعقيدات الواقع. أما موته فجعل من ولاد الشمس عملًا لا يُقدِّم أبطالًا خارقين، بل بشرًا يعيشون تناقضاتهم، ويُدفعون أحيانًا إلى هزائم تخلِّدهم أكثر من انتصاراتهم.

وهكذا، يصير الموت في هذا السياق ليس نهاية، بل بداية لحدوتة درامية تبقى عالقة في الذاكرة.

المزيد من أخبار رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا