توقّع مراقبون بأن الدبلوماسية الذكية؛ التي يقودها ولي العهد
السعودي الأمير محمد بن سلمان، ستؤدي إلى أن تبرز المملكة باعتبارها «قوة عظمى» خلال القرن الـ21. وقال موقع (ذا كونفرسيشن الأسترالي، أمس: إن البراعة غير العادية التي أبداها الأمير محمد بن سلمان، في التوسط بين روسيا وأوكرانيا، لوقف الحرب الدائرة بين البلدين منذ ثلاثة أعوام، لن تقتصر نتائجها على تحقيق هدف الوساطة فحسب؛ بل قد تضمن للسعودية مقعداً حول مائدة المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، في شأن برنامجها النووي. وعلى رغم أن المسؤولين الأمريكيين هم المعنيون أكثر من غيرهم بالوساطة بين أوكرانيا وروسيا؛ إلا أن استضافة العاصمة
السعودية ومدينة
جدة للمحادثات بهذا الشأن، تؤكد أهمية الدبلوماسية السعودية الطموحة إلى مراتب عالمية متقدمة. وكان الأمير محمد بن سلمان، عقد في 10 مارس الجاري، اجتماعات مع الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، ووزير الخارجية
الأمريكي مارك روبيو، ومستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي مايك والتز. وأتاحت جهود ولي العهد السعودي، انعقاد أول لقاء بين وفدين أمريكي وأوكراني في جدة، بحضور
وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني مساعد العيبان. وانتهى اجتماع جدة، إلى التوافق على خطة لوقف النار في أوكرانيا لمدة 30 يوماً. وذكر «ذا كونفرسيشن» أنه إذا أسفرت مقررات جدة عن توقيع اتفاق بين موسكو وكييف، فعلى الأرجح سيتم توقيعه في السعودية. وكان الأمير محمد بن سلمان، قد استضاف قبل ذلك بأيام، أول لقاء من نوعه بين مسؤولين من روسيا والولايات المتحدة. وأضاف أن دبلوماسية الأمير محمد بن سلمان المتنامية ظلت ناشطة منذ عام 2022م؛ خصوصاً أن ولي العهد السعودي، يعتبر المملكة القوة الكبرى في العالمين العربي والإسلامي. ولهذا قام المسؤولون السعوديون بأدوار كبيرة وملموسة في حل نزاعَي غزة والسودان، فيما واصلت المملكة تعزيز علاقاتها مع إيران. وأوضح الموقع أن دبلوماسية الأمير محمد بن سلمان، نجحت لأن السعودية أثبتت حيادها بين الشعوب المتنازعة، خصوصاً أن السعودية حرصت منذ البداية على عدم الانحياز لأي طرف خلال الفترة الراهنة، التي تشهد تنافساً إستراتيجياً خطيراً بين القوى الكبرى. ولذلك حافظت المملكة على علاقات عملية جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا منذ اندلاع الحرب بينهما. وأعاد الموقع التذكير بالقمة التي نظّمها الأمير محمد بن سلمان، في جدة، في 2023م، وجمع فيها زيلينيسكي بقادة وممثلي 40 دولة. واعتبر أن ذلك يجسّد تمدد علاقات ولي العهد بدول العالم، ورغبته في أن تكون السعودية وسيطاً بين أوكرانيا وروسيا. وخلص «ذا كونفرسيشن»، إلى أن وساطة المملكة لوقف أكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945م، تمثل -بلا شك- خطوة في سبيل تحقيق الطموحات السعودية. وزاد أنه على رغم تعهدات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بوقف الحرب في أوكرانيا، إلا أنه بحاجة إلى مكان محايد يمكن أن تحقق فيه الدبلوماسية نجاحاً كبيراً.
المملكة قوة عظمى في القرن 21
وفي سياق ذي صلة؛ رأت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية، أمس، أن دور ولي العهد السعودي في الجمع بين الأوكرانيين وأمريكا، وبين روسيا وأمريكا، سيؤدي إلى بروز المملكة؛ باعتبارها قوة عظمى خلال القرن الـ21. ولاحظت الصحيفة أن الأمير محمد بن سلمان، عكف خلال الأعوام الماضية، على تعزيز علاقات بلاده مع مراكز القوة الأخرى، خصوصاً الصين، وروسيا، والهند. وكثّف جهوده لتكون المملكة مركزاً لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ووجهة رياضية لا تعدلها وجهة أخرى في العالم. وذهبت الصحيفة إلى أن أكبر الأوراق بيد ولي العهد السعودي هي الثروة النفطية الضخمة التي تملكها السعودية؛ باعتبارها مالكة أكبر احتياطات نفطية في الشرق الأوسط، وأكبر مُصدِّر للنفط في العالم. ووفقاً لذلك، فإن الأمير محمد بن سلمان، لديه وزن كبير يجعله يتحكم في إمدادات النفط العالمية، وفي سعر النفط أيضاً. وأضافت أن النفط لا يزال يدرّ على السعودية أكثر من 200 مليار دولار سنوياً، وهو ما سيتيح لولي العهد السعودي جعل المملكة قوة عالمية لا تمكن الاستهانة بها. ولذلك كان الأمير محمد بن سلمان مصمماً منذ البداية على نشر ثقافة الاعتدال والوسطية، وهو ما جعل النساء السعوديات يُقبِلن على سوق العمل بشدة، وعلى أعلى مستويات الوظائف. وعلاوة على ذلك، قرر ولي العهد الانفتاح على تكتل «بريكس» الاقتصادي، وعلى بقية دول «الجنوب العالمي». وخلصت الصحيفة الأمريكية، إلى أن الأمير محمد بن سلمان يملك كثيراً من الأوراق الكفيلة بتحقيق طموحاته إلى السعودية الجديدة المتقدمة التي يرومها.