اقتصاد / ارقام

ألاعيب المحاسبة التي لا تنتهي .. قصة وورلدكوم من القمة إلى الهاوية

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

من شركة وصلت قيمتها السوقية إلى 186 مليار دولار، إلى أخرى مفلسة تخضع لتحقيقات مكثفة لفضح التلاعب في الدفاتر المحاسبية، بل وللتأكد من عدم وجود فساد في منح أعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين مكافآت وقروضا بغير وجه حق، مع انحدار سريع في قيمة السهم أفقده 99.9% من قيمته.

 

هذه هي شركة "وورلدكوم" والتي كانت في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة إحدى أهم شركات الاتصالات في العالم، وكانت من بين الشركات التي برزت إبان فقاعة "دوت كوم" وفي عالم الاتصالات بشكل عام.

 

 

صعود الشركة

 

تأسست الشركة في عام 1983 تحت اسم "لونج ديستانس سيرفيس"، وتغير الاسم إلى "وورلد كوم" في عام 1995،  حيث حصل مؤسسو الشركة على بـ650 ألف دولار لتأسيس شركة ، واستغلوا هذا المبلغ في تأسيس وحدة تكنولوجية لإجراء المكالمات بعيدة المدى.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

وحققت الشركة صعودًا صاروخيًا بعد أن أمرت المحاكم شركة "أيه تي آند تي" بتأجير خطوط الهاتف لشركات جديدة بأسعار رخيصة، وذلك لمكافحة الاحتكار، وبالفعل تولت الشركة الناشئة هذه المهمة لصالح عملاق الاتصالات ، واتسمت سياستها بالعدائية حيث استحوذت على 30 شركة اتصالات منافسة خلال سنواتها الأولى لضمان موقع متميز لها في سوق الاتصالات طويلة المدى.

 

ممارسات محاسبية خادعة

 

ولسوء الحظ بالنسبة لآلاف الموظفين والمساهمين، استخدمت شركة وورلدكوم ممارسات محاسبية خادعة شهيرة للغاية يمكن اتباعها دون أن تتكشف لفترة زمنية، حيث سجلت بشكل غير صحيح 3.8 مليار دولار في النفقات الرأسمالية، خلال هذه الفترة فحسب، بينما كانت تلك المبالغ نفقات دورية عادية أي يجب خصمها من الإيرادات، مما أدى إلى تعزيز التدفقات النقدية والأرباح على مدار الأرباع الأربعة في عام 2001 وكذلك الربع الأول من عام 2002.

 

وأدى هذا إلى إخفاء الخسائر الصافية الفعلية للشركة خلال الأرباع الخمسة لأن النفقات الرأسمالية يمكن خصمها على مدى فترة زمنية أطول، بل إن منها ما يمكن حسابه في تنمية رأس المال الرئيسي للشركة، في حين أنه يجب خصم النفقات من الإيرادات على الفور بمعدل يقلص من ربحية الشركة.

 

 

جعلت هذه الممارسات المحاسبية الوضع المالي لشركة وورلدكوم يبدو كما لو كان مزدهرًا باستمرار مع ظهور نتائج الشركة الفصلية، ومع استمرار الشركة في نهجها بالاستحواذ على الشركات الجديد كان محاسبوها قادرين على تعديل قيم الأصول والنفقات، بالمبالغة في قيمة الشركات التي تم ضمها والتقليل من مستحقات مالكي تلك الشركات لدى "وورلدكوم".

 

وكشفت التحقيقات الداخلية عن أن بداية الممارسات المحاسبية المشكوك فيها تعود إلى عام 1999، واستمر المستثمرون، الذين لم يكونوا على علم بالاحتيال المزعوم، في شراء أسهم الشركة، مما دفع سعر السهم إلى قمة سعرية في يونيو 1999 بسعر 61.98  دولار، قبل أن ينحدر بعد تكشف تلك التلاعبات الحسابية إلى 0.08 دولار فحسب في يونيو 2002، أي أن الشركة فقدت قرابة 99.9% من قيمة أسهمها.

 

ولكن حتى قبل الكشف عن ممارسات المحاسبة غير السليمة، كانت وورلدكوم بالفعل في حالة من الاضطراب المالي، فقد أدى انخفاض الأسعار والإيرادات وحملة الاستحواذ الطموحة على الشركات المنافسة، إلى دفع الشركة إلى مزيد من الديون، على الرغم من أن استمرار استحواذ "وورلدكوم" على المنافسين كان أحد أهم أشكال الجذب للمستثمرين لضخ أموالهم في الشركة.

 

بالإضافة إلى ذلك، تلقى الرئيس التنفيذي لشركة وورلدكوم "برنارد إيبيرز" قرضًا مثيرًا للجدل بقيمة 408 ملايين دولار من مجلس إدارة الشركة، حيث أقرض المجلس إيبيرز المال بمعدل أقل من المتوسط ​​العام للفائدة وقتها وبغير سبب واضح أو ضمانات منطقية.

 

كشف التلاعب

 

في مارس 2002، زار رئيس قسم الاتصالات اللاسلكية في وورلدكوم "سينثيا كوبر"، نائبة رئيس التدقيق الداخلي، وأخبرها بأنه وضع 400 مليون دولار جانبًا لتعويض العملاء الذين لم يدفعوا فواتيرهم. ومع ذلك، اتخذ المدير المالي "سكوت سوليفان" -الرئيس التنفيذي للشركة لاحقًا- قرارًا باستخدام هذه الأموال لتعزيز الدخل، بدلًا من وضعها كاحتياطي.

 

وفي حين أن هذا لم ينتهك بالضرورة قواعد المحاسبة، فقد اعتقدت "كوبر" أنه أمر غريب لأن قواعد المحاسبة تنص على أنه عندما لا تقوم الشركات بتحصيل الديون، فمن المفترض أن تنشئ احتياطيات لتغطية الدين والابتعاد عن تضخيم قيمة الشركة دفتريًا، وأشارت كوبر إلى أنها تناقشت في تلك القضية مع بعض رؤسائها غير أنهم قللوا من مخاوفها، واتفق ذلك مع مخاوف سابقة لـ"كوبر" منذ عام حول عدم التزام الشركة بالمعايير المحاسبية الدقيقة.

 

 

وفي مايو من نفس العام بدأت مخاوف "كوبر" تتأكد من خلال حديث مع أحد المديرين، حيث أخبرها أن عليها التوقف عن "طرح الأسئلة الكثيرة"، مشيرًا إلى أن محاسباً في مكتب الشركة في تكساس تمت إقالته بسبب الأسئلة الكثيرة التي طرحها حول تسجيل النفقات الرأسمالية في الشركة بشكل غير صحيح وهو ما زاد من تكهناتها بحدوث تلاعب أيضا.

 

وفي الشهر نفسه، اكتشف المدقق المحاسبي "جين مورس"  قيدًا محاسبيًا بقيمة 500 مليون دولار من نفقات الكمبيوتر المسجلة كنفقات رأسمالية، دون أي وثائق تثبت ذلك، بما أثار شكوكه فقام بعملية سريعة على كمبيوتر الشركة ونظامها المحاسبي ليكتشف أن هناك على الأقل ملياري دولار تم تسجيلها بهذه الطريقة بدون وجه حق.

 

ووقت علمها باكتشاف "مورس" وتحفظات مدير آخر يدعى "جيلان سميث" حول ممارسات الشركة المحاسبية، لجأت "كوبر" إلى "سوليفان"، وأخبرته بنيتها هي و"سميث" لإجراء مراجعة محاسبية لسجلات الشركة خاصة المتعلقة بالنفقات، ليطالبها "سوليفان" بـ"التريث" حتى ما بعد الربع المالي الثالث (لعام 2002) قبل إجراء هذه المراجعة بما أكد لـ"كوبر" شكوكها، ودفعها لإبلاغ الجهات الرقابية.

 

علامات "المرض"

 

والمؤكد أن هناك بعض اللوم لعدم اكتشاف التلاعب المحاسبي في "وورلد كوم" بشكل مبكر وذلك للعديد من الأسباب:
 

معاناة قطاع الاتصالات برمته في هذه الفترة من تراجع في نتائج الأعمال بسبب اضطرابات في الدخل أحدثتها فقاعة "دوت كوم"، حيث كانت هي شركة الاتصالات الوحيدة التي تحقق تدفقات إيجابية مستمرة بهذا الشكل وكما يُقال في المثل الأمريكي " إذا كان الأمر جيدًا جدًا لدرجة يصعب تصديقها .. فهو على الأرجح ليس حقيقيا".
 

ولذلك كان لزامًا على السلطات الأمريكية أن تتشكك في التقارير التي تصدرها الشركة وتقوم بمراجعتها بشكل أكثر تفصيلًا من غيرها.
 

- السبب الثاني هو استمرار الشركة في تجديد قروض حصلت عليها لرفع رأس المال سابقًا خلال عام 2001، وأبرزها قرض بقيمة 2.8 مليار دولار بشروط تمويلية شديدة نسبيًا، ولم يكن من المنطقي تجديد مثل هذا القرض تحديدًا إذا كانت الشركة في وضع مالي ممتاز كما يظهر من دفاترها، وكان من الأفضل سداده تلافيًا لشروطه الشديدة، ثم حتى التفاوض على آخر لاحقًا بشروط أفضل في ظل تمتع الشركة بوضع أفضل نسبيًا.

وتبين لاحقًا أن الشركة امتنعت عن القيام بذلك بسبب خشيتها من تدقيق الجهات المانحة للقرض في حسابات الشركة بما قد يكشف التلاعب فيها، وكان على البنوك أن تتشكك أيضًا في سبب تجديد القروض باستمرار وعدم سدادها.

ثالثا فعلى الرغم من كشف الموظفين الداخليين للتلاعب منذ بداية عام 2001 على الأقل، وربما قبل ذلك، فإنهم لم يقرروا اللجوء للسلطات إلا في مايو 2002 وذلك لأن كثيرا منهم آثروا الصمت بما في ذلك "كوبر" التي قالت إنها كانت تبحث عن عمل آخر قبل ترك عملها.
 

كان لإفلاس "وورلدكوم" تداعيات عدة، أبرزها إبرام صفقة مع 97% من الدائنين لإعادة هيكلة الديون مع تخلي بعضهم عن نسبة من مستحقاته، لا سيما في ظل وجود مبالغة في قيمة موجودات الشركة بقيمة تخطت 11 مليار دولار حينها، قبل إعادة هيكلة الشركة بالكامل لتظهر للعلن مجددًا عام 2005 وتقوم شركة "فيريزون" بالاستحواذ عليها في عام 2006.
 

وبسبب التلاعب في الحسابات صدر على مؤسس الشركة "برنارد إيبيرز" ورئيسها التنفيذي السابق "سكوت سوليفان" حكمان بالسجن 25 و5 سنوات على الترتيب، في عقوبات صارمة عليهم، خاصة أن فضيحة "وورلدكوم" جاءت بعد أشهر من فضيحة إنرون" الشهيرة، والتي حدثت بسبب التلاعب في الحسابات أيضًا لفترات طويلة لإظهار الشركة رابحة.

 

المصادر: أرقام- وول ستريت جورنال- نيويورك تايمز- تقرير لجامعة "أوبورن" بعنوان " WorldCom’s Bankruptcy Crisis"

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا