تواصل المملكة تعزيز تحولها نحو الطاقة المتجددة، حيث تلعب أنظمة تخزين الطاقة دورًا محوريًا في دعم استدامة القطاع الكهربائي وضمان استقراره. ومع تزايد الاستثمارات العالمية في هذا المجال، تتاح للمملكة فرص واعدة للاستفادة من هذه التقنيات ضمن رؤيتها الطموحة 2030. أنظمة تخزين الطاقة في السعوديةأكد المختص في شؤون الطاقة والطاقة المتجددة المهندس عبدالرحمن الشريدة لـ"اليوم" أن أنظمة تخزين الطاقة تُعد ركيزة أساسية لاستيعاب الطاقة المولدة من مصادر متجددة مثل الشمس والرياح، مما يساهم في تقليل التقلبات في الإمداد وضمان استقرار الشبكة الكهربائية. وأضاف أن هذه الأنظمة تقلل من الاعتماد على محطات التوليد التقليدية، مما يدعم الجهود الرامية إلى تقليل انبعاثات الكربون وتحقيق الاستدامة البيئية. وأوضح "الشريدة" أن قطاع تخزين الطاقة شهد نموًا ملحوظًا عالميًا، حيث ارتفعت التركيبات بنسبة 75% في عام 2024 مقارنة بالعام السابق، ويتوقع أن تتجاوز السعة العالمية تيراواط/ساعة قبل عام 2030. كما بلغت الاستثمارات 17.6 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2024. تعزيز الطاقة المتجددةوبين أن مشروع "Hornsdale Power Reserve" في أستراليا يُعد نموذجًا ناجحًا يعكس أهمية هذه التقنيات، في استقرار الشبكات الكهربائية، وهو ما يمكن للمملكة الاستفادة منه في تطوير مشاريعها المستقبلية. أضاف أن السعودية تتطلع إلى تعزيز الطاقة المتجددة لتشكل 50% من إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول 2030، مما يوفر فرصًا استثمارية كبيرة في أنظمة تخزين الطاقة. وتشمل إنشاء محطات تخزين متكاملة مع مشروعات الطاقة الشمسية والرياح لضمان استمرار إمدادات الكهرباء، والاستثمار في بطاريات الليثيوم أيون والصوديوم والكبريت التي يمكن تصنيعها محليًا لخفض التكاليف وتعزيز الأمن الصناعي. هذا بالإضافة إلى تطوير حلول تخزين منزلية وصناعية لتقليل الضغط على الشبكة وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، مع دمج الذكاء الاصطناعي في إدارة التخزين لتعزيز كفاءة الشبكات وتقليل الفاقد الكهربائي. استدامة العمليات الصناعيةوأشار إلى أن تخزين الطاقة خلال فترات انخفاض الطلب يتيح إعادة استخدامها في أوقات الذروة، مما يقلل الحاجة إلى تشغيل محطات التوليد التقليدية المكلفة. كما أن تخزين الطاقة يضمن إمدادات موثوقة للصناعات الكبرى، مما يخفض التكاليف التشغيلية، ويحسن من استدامة العمليات الصناعية. وحول التقنيات الرائدة في تخزين الطاقة، أوضح "الشريدة" أن هناك عدة تقنيات رئيسية، منها بطاريات الليثيوم أيون التي تعد الأكثر انتشارًا حاليًا رغم تحديات تكلفتها وتأمين المواد الخام، وبطاريات الصوديوم والكبريت التي يمكن تطويرها محليًا نظرًا لتوفر مواده الخام في المملكة. أنظمة التخزين الحرارييضاف إلى ذلك أنظمة التخزين الحراري المفيدة لمحطات الطاقة الشمسية المركزة التي تخزن الحرارة لاستخدامها لاحقًا في توليد الكهرباء، بالإضافة إلى تقنية التخزين المائي التي تعتمد على ضخ المياه إلى ارتفاعات عالية خلال فترات انخفاض الطلب ثم استخدامها لتوليد الكهرباء عند الحاجة. وأكد "الشريدة" أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين إدارة أنظمة التخزين من خلال تحليل بيانات الاستهلاك والتنبؤ بالطلب لضبط عمليات الشحن والتفريغ بفعالية. وكذلك تحسين تشغيل الشبكة الكهربائية عبر تحديد أوقات الذروة وإدارة تدفق الطاقة تلقائيًا، إضافة إلى تقليل الفاقد الكهربائي من خلال مراقبة أداء البطاريات والتنبؤ بالمشكلات قبل وقوعها. الاستثمار في قطاع تخزين الطاقةوحول التحديات التي تواجه الاستثمار في هذا القطاع، أوضح الشريدة أن هناك عدة عقبات، منها التكلفة الأولية المرتفعة لأنظمة التخزين، مما يتطلب دعمًا حكوميًا أو حوافز مالية لتشجيع المستثمرين. هذا بجانب الحاجة إلى تنظيمات وتشريعات واضحة تتيح بيع الكهرباء المخزنة إلى الشبكة مما يزيد من جاذبية الاستثمار، إضافة إلى التحديات البيئية والتكنولوجية مثل إدارة النفايات الناتجة عن البطاريات وضمان استدامة المواد المستخدمة. وأكد "الشريدة" أن تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع يتطلب سياسات داعمة تشمل إعفاءات ضريبية وقروض ميسرة للمشاريع التي تعتمد تقنيات التخزين، وتسهيل إجراءات الترخيص وإتاحة بيع الكهرباء المخزنة مما يحفز المستثمرين، إضافة إلى دعم البحث والتطوير لتحفيز الشركات الناشئة على تطوير تقنيات تخزين محلية. وأضاف أن السعودية يمكنها الاستفادة من تجارب دول رائدة في هذا المجال مثل ألمانيا التي نجحت في دمج أنظمة تخزين الطاقة مع الشبكة من خلال "محطات الطاقة الافتراضية" التي تجمع بين مصادر متعددة لإدارة الطاقة بذكاء. إنتاج بطاريات الليثيوموأشار إلى أن أستراليا التي استثمرت في بطاريات ضخمة لتحقيق استقرار الشبكة مثل مشروع "Hornsdale Power Reserve"، والصين التي تقود العالم في إنتاج بطاريات الليثيوم أيون وتوسيع تقنيات التخزين على مستوى المدن الذكية. واختتم "الشريدة" حديثه بالتأكيد على أن تخزين الطاقة يمثل فرصة استراتيجية للسعودية لتحقيق تحولها نحو الطاقة النظيفة، وتقليل الانبعاثات، وتعزيز أمنها الطاقي. ومع استمرار الابتكار في هذا القطاع عالميًا، يمكن للمملكة أن تكون في طليعة الدول التي تستثمر في تقنيات التخزين، سواء عبر تطوير حلول محلية أو جذب الاستثمارات الأجنبية. وأكد أن الخطوة القادمة هي تبني سياسات داعمة وضخ استثمارات في تقنيات التخزين المستدامة، ما سيمكن السعودية من قيادة مستقبل الطاقة المتجددة على المستوى العالمي.