سياسة / اليوم السابع

فى حضرة التلاوة برمضان.. "محمد يوسف البهتيمى" صوت خالد بين رياح الزمن

كتب محمود عبد الراضي

الخميس، 13 مارس 2025 05:30 م

في ليالي المضيئة، يحرص المصريون على سماع أصوات قراء القرآن التي تملأ الأرجاء قبل آذان ، تلك الأصوات التي تملك قدرة عجيبة على تهدئة النفوس وإضاءة الروح، حيث يظل قراء القرآن المصريون جزءًا لا يتجزأ من طقوس الشهر الفضيل.

إن تلاواتهم المرتلة ترتبط بالوجدان المصري، وتغذي قلوب الصائمين، حيث تصبح لحظات الاستماع إلى القرآن قبل الفطور بمثابة رحلة روحانية نحو الطمأنينة والإيمان.

في السادس من أبريل عام 1922، في عزبة إبراهيم بك التابعة لمركز بهتيم في شبرا الخيمة، وُلد صوت مميز سيظل يردد صدى القرآن في أرجاء العالم. إنه الشيخ محمد يوسف البهتيمي، الذي لم يكن فقط قارئًا عظيمًا بل كان "كاملًا" بكل معنى الكلمة، كما كان يلقبونه من حوله، لجمال صوته وهيئته وطباعه الرفيعة.

نشأ البهتيمي في بيت يعشق القرآن، فكان والده المقرئ والمُحفِّظ الذي ألهمه بحبه لهذا الكتاب المقدس. في كُتاب القرية، حفظ الشيخ محمد القرآن منذ سنين طفولته المبكرة، ليصبح فيما بعد قارئًا في مسجد قرية الحمرا ببهتيم. ولم يقتصر دوره على التلاوة، بل كان يرفع الأذان للصلوات الخمس، مستشعرًا قدسية كل حرف في كلمات الله.

لقد كان الشيخ محمد الصيفي هو المعلم الأول له، الذي تبناه وأخذه إلى القاهرة، حيث بدأت خطواته الأولى نحو الشهرة. وفي البداية، تأخر الشيخ البهتيمي في الالتحاق بالإذاعة، ولكنه بعد إلحاح من معلميه، تقدم للامتحان، وكان النجاح بانتظاره، ليبدأ عهدًا جديدًا في حياته كمقرئ معتمد في الإذاعة المصرية في 1 نوفمبر 1953.

بالتوازي مع نجاحاته في الإذاعة، كانت رحلة الشيخ البهتيمي إلى فلسطين في عام 1943، حيث قضى أكثر من ثلاث سنوات، وسجل هناك العديد من التلاوات التي لا تزال تعتبر من أندر وأجمل التلاوات. وعاد إلى القاهرة ليكمل مسيرته عبر تسجيلات أخرى نادرة، لا سيما في إذاعات الدول العربية، مما جعله أحد أبرز القراء في العالم العربي.

لكن حياة الشيخ البهتيمي كانت قصيرة، فقد توفي في 6 فبراير 1969، عن عمر لم يتجاوز 47 عامًا، إلا أن صوته بقي حيًا في قلوب محبيه. وكانت جنازته العسكرية التي نظمتها الدولة، بحضور الرئيس جمال عبد الناصر، شاهدة على حب الناس له.

وفي ذكرى رحيله، أسس محبوه جمعية لإحياء تراثه في حي عابدين، تسعى لإبقاء صوته حيا في الذاكرة عبر تسجيلات نادرة وفعاليات سنوية تُعيد للروح تلك اللحظات الطيبة التي ارتبطت بقراءته الجليلة للقرآن.

إنه الشيخ البهتيمي، الذي رغم غيابه الجسدي، ظل صوته أبدًا يتردد في الأرجاء، فكان صوته الخالد بين رياح الزمن.

شهر رمضان في ليس مجرد فترة صيام، بل هو رحلة روحانية تتجسد فيها الطقوس المتجددة، ومن أبرزها استماع المصريين لتلاوات قرآن مشايخهم المفضّلين، مع دقات أذان المغرب، تملأ أجواء المنازل والشوارع أصوات القراء الكبار ليصبحوا جزءًا من الروح الرمضانية، هذه الأصوات العذبة التي تلامس القلوب قبل الفطور، أصبحت جزءًا من هوية الشهر الكريم، حيث تمزج بين الهدوء والسكينة، وتعيد للأذهان ذكرى إيمانية طيبة تمس الأعماق، فتجعل كل لحظة من رمضان أكثر تقديسًا.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا