عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

الروائي يوسف المحيميد لـ”سبق”: روايات السحر والخرافات أدب "مؤقت" ولن تنال الجوائز الكبرى

تم النشر في: 

10 مارس 2025, 7:30 مساءً

• الرواية تواجه تحديات كبيرة لكننا على الطريق الصحيح

• القضايا متعددة ومتاحة للجميع لكن ما يأسرني هو الأحداث والبُعد الدرامي الإنساني

• الروائي العربي “يجتهد” في البحث عن المعرفة والتاريخ على عكس الغربي الذي يحظى بتفرُّغ يضمن جودة نصوصه

• البحث العميق ودراسة الشخصيات أمران لا غنى عنهما لبناء رواية متماسكة

• شخصيات "رجل تتعقبه الغربان" استلهمتُها من الذاكرة لتروي حكاية ثلاثة أجيال عايشت الأوبئة في نجد

• "فخاخ الرائحة" مقررة في جامعة “هارفارد”.. وعلاقتي بالكلمات كعلاقة الريح بالشجر

• أكتب بمتعة طاغية.. والكلمات عندي لها طعم ورائحة.. وهكذا خدعتُ نفسي لأكتب أولى رواياتي

• لا ألتفتُ كثيرًا للنقد الصحفي والانطباعي لأنه لا يقدم شيئًا يستحق التوقف عنده

حوار / شقران الرشيدي-سبق- : يقول الروائي يوسف المحيميد، وهو أحد أبرز الأصوات الروائية في السعودية حاليًا: "هناك روايات من الأدب الرفيع، وهناك روايات من الأدب الشعبي الخرافي، ومعايير الكسب بينهما تختلف حسب نظرتنا لمفهوم الكسب، هل هو الكسب المادي والأعلى مبيعات، أم الكسب في بقاء العمل وخلوده".

ويؤكد في حواره مع “سبق” أن ترجمة الروايات لا تعني الوصول للعالمية؛ فهناك معايير متنوعة، والوصول للقارئ الأجنبي يحكمه عوامل مختلفة، كجودة المترجَم، وقيمة الناشر وقدرته على الانتشار.

ويتناول الحوار مسيرة يوسف المحيميد الأدبية، ونتعرف على بداياته، ونظرته للرواية السعودية، وأهم التحديات التي واجهها، إضافة إلى رؤيته لمستقبل الأدب العربي والعالمي.

فإلى تفاصيل الحوار:

هوية المجتمع

Q

** تتميز أعمالك بتناول قضايا الهوية والمجتمع، مثل رواية "الحمام لا يطير في بريدة"، وغيرها.. كيف تختار المواضيع التي تكتب عنها؟

ليس من السهل الوصول إلى الطريقة التي تروي بها. فكما تعرف، إن المواضيع والأفكار ملقاة على قارعة الطريق، لكن كيف ستتناول هذه المواضيع؟ وكيف ستصنع شخصيات متخيلة وحية في الوقت ذاته؟ وكيف تستلهم حادثة ما وتسردها بشكل فني مغاير وجديد؟ وكيف تصور ملامح المكان وتفاصيله، وتجعله بطلاً موازيًا للشخصية المحورية؟.. فالقضايا متعددة ومتاحة للجميع، لكن ما يأسرني هو الأحداث والبُعد الدرامي الإنساني، وكيف يمكن أن نغزل منها عملاً روائيًّا متماسكًا.

السرد العميق

Q

** أسلوبك الأدبي يجمع بين السرد العميق واللغة الشعرية، كيف تصف علاقتك باللغة أثناء الكتابة؟

أنا أكتب بمتعة طاغية، أكتب وأنا أتلذذ بالكلمات؛ فالكلمة عندي لها طعم ولون، ورائحة أيضًا. وعلاقتي بالكلمات علاقة الريح بالشجر، علاقة متنامية ومتجذرة، ومتجددة لا تتوقف.. أنت لا تتخيل حجم سعادتي بلحظات مراجعة نصوصي وتحريرها، كيف أتأمل وأقلم وأنحت العبارات، كيف أقسو وأحذف الفائض عن الحاجة.. أنا لا أحب العبارات والمقاطع الزائدة التي لا تضيف للنص شيئًا، بل تسلبه أحيانًا.

الرواية الأقرب

Q

** هل "فخاخ الرائحة" هي الرواية الأقرب إلى قلبك من بين أعمالك؟ ولماذا؟

هي -بلا شك- محطة مهمة في تجربتي، ربما لكونها جاءت بعد تجربة أولى شاقة، معها عملت على بناء سردي، وتقاطعات سردية بين ثلاث حالات إنسانية، في وقت لم أتخلَّ عن اللغة كقيمة فنية موازية للسرد الحكائي. هي علمتني أن البحث العميق ودراسة الشخصيات أمران لا غنى عنهما من أجل وضع معمار روائي متماسك.

ترجمة الروايات

Q

** تُرجمت بعض أعمالك إلى لغات عديدة، منها الإنجليزية، والروسية، والألمانية، والإيطالية، والإسبانية.. فكيف ترى تطوُّر الرواية السعودية اليوم؟ وهل تعتقد أنها وصلت إلى العالمية؟

ليس مجرد الترجمة تعني الوصول للعالمية؛ فهناك معايير متنوعة. والوصول للقارئ الأجنبي يحكمه عوامل مختلفة، منها جودة المترجَم، وقيمة الناشر وقدرته على الانتشار.. حتى الجوائز الأجنبية المهمة تنقل العمل لمرتبة أعلى. أيضًا أن يُقرَّر العمل المترجَم على طلاب جامعات أجنبية. أتذكر أن "فخاخ الرائحة" كانت مقررة على طلاب اللغات بجامعة هارفارد، وتمت دعوتي للحوار معهم، وهي لحظة رائعة أن تكتشف روايتك من منظور الآخر، كيف فهمها، كيف التقط بعض خيوط الرواية وربطها بأبعاد اجتماعية وكونية؛ لذلك أعتقد أن الوصول إلى القارئ الأجنبي بشكل صحيح يحتاج إلى عوامل عدة وزمن طويل حتى يترسخ الاسم هناك.

التحديات

Q

** ما أبرز التحديات التي واجهتك في مشوارك الأدبي؟ وما الذي يلهمك للاستمرار؟

الوقت، ثم الوقت، ثم الوقت، هو ما يسرقني من عالمي الأثير.. حتى هذه اللحظة لم أتفرغ تمامًا للكتابة، ألتقط أنفاسي، وأسرق الوقت النادر كي أكتب نصًّا إبداعيًّا. والتحدي الآخر هو الحاجة إلى بعض المصادر المعرفية أو التاريخية التي تدعم العمل الروائي الذي أشتغل عليه، التي لا تتوافر إلا بجهد كبير. هي عمومًا تحديات أي كاتب عربي، على عكس الكاتب الغربي في الدول المتقدمة الذي يحصل على تفرُّغ كامل، تكفله دور النشر هناك؛ وذلك يضمن جودة النص وجدته وتفرده.

المشاريع القادمة

Q

** ما المشاريع الأدبية القادمة التي تعمل عليها؟ وهل لديك توجُّه لتجربة أنواع أدبية جديدة؟

أعمل على نص روائي قديم، كلما اشتغلت عليه تعثرت وتوقفت وانصرفت إلى رواية أخرى، وبقي هو معلقًا منذ سنوات طويلة. وربما ليست المسألة تجربة أنواع أدبية جديدة بقدر ما هي البحث عن طريقة جديدة في سرد مختلف. هي مغامرة البحث عن شكل فني جديد، وهي تحتاج بالضرورة إلى جرأة الخروج عن الكتابة النمطية. أحب التجريب كثيرًا، والخوض في مناطق فنية جديدة، لكنني بالطبع أحافظ على أسلوبي ولغتي في الكتابة.

تجارب مؤثرة

Q

** هل هناك كتاب أو تجارب حياتية أثرت في أسلوبك؟

أعتقد أنني منذ البدايات مررتُ بتجارب إبداعية متنوعة، أحببتها، وأثرت بي حينها، لكنني ما ألبث أن أتجاوزها؛ ربما بسبب تغيُّر ذائقتي القرائية، وهذا أمر طبيعي، لكنها شكلت تجربتي، وأسهمت في تكويني الثقافي. تجارب مهمة قرأتها في الطفولة، مثل تشارلز ديكنز، كقصة مدينتين، وأوليفر تويست، كذلك رواية بائعة الخبز، ثم تجارب روائية مهمة لدى فوكنر، كافكا، جويس.. وغيرهم. والتأثير الأهم كانت أعمال غابرييل غارسيا ماركيز، ثم لفتت انتباهي أعمال الروائي الياباني هاروكي موراكامي، وقبله ياسوناري كاواباتا صاحب "منزل الجميلات النائمات". أسماء كثيرة أسرتني كثيرًا، لكنها بالضرورة لا تترك أثرًا مباشرًا على أسلوبي. كذلك لا أنسى الأسماء العربية المهمة في السرد العربي، مثل بهاء طاهر، وإبراهيم أصلان، وبعض أعمال محمد البساطي، وغيرهم.

بناء الشخصيات

Q

** في رواية "رجل تتعقبه الغربان"، كيف قمت ببناء الشخصيات؟ وهل تستند إلى أشخاص حقيقيين أم تجارب شخصية أم خيال مبدع؟

الشخصيات جزءٌ من العمل الإبداعي، ترسمها تنامي الأحداث، وتفاصيل المكان، ورائحة الزمان.. ليس بالضرورة أنها أشخاص حقيقيون، قد تكون شظايا من شخصيات بعيدة تنام في الذاكرة، واستلهامها بشكل تخييلي. وقد تكون كولاج من شخصيات عدة، لكنها في شخصيات متخيلة.

وفي رواية "رجل تتعقبه الغربان" جاء البناء من خلال الزمن، هدمه وإعادة بنائه في ثلاثة مستويات (المستقبل والحاضر والماضي)؛ وبالتالي جاءت الشخصيات من خلال وقائع مفصلية مؤثرة عبر ثلاثة أجيال كابدت الأوبئة في نجد.

نقد أثَّر فيك

Q

** هل هناك نقد أو تقييم أثَّر فيك بشكل خاص؟

لا ألتفت كثيرًا للنقد، خاصة النقد الصحفي والانطباعي؛ لأنه لا يقدم شيئًا يستحق التوقف.. لكني ألتفت للنقد الجاد، سواء ما ينشر في مجلات دورية رصينة، أو الدراسات الجامعية. وأحترم الناقد الذي تقوده حواسه الإبداعية لا النظريات، وما أدراك ما النظريات. وهؤلاء قلة بالطبع، أبرزهم مبارك الخالدي وعالي القرشي ومحمد العباس في السعودية. وبالطبع هناك نقاد عرب كبار، أبرزهم جابر عصفور وصلاح السروي وأحمد المديني وفيصل دراج وفخري صالح.. وغيرهم. ولعل من أهم النقد الذي أثر في بداياتي ما كتبته فريدة النقاش في مجلة أدب ونقد المصرية، وكذلك الناقد صلاح السروي من احتفاء مبكر حول إصداري الأول "ظهيرة لا مشاة لها".

الاتجاهات الحديثة

Q

** ما هي برأيك أهم الاتجاهات الجديدة؟ وهل روايات الأساطير، والسحر، والخرافات هي التي تكسب هذه الأيام؟

هناك روايات من الأدب الرفيع، وهناك روايات من الأدب الشعبي الخرافي، ومعايير الكسب بينهما تختلف حسب نظرتنا لمفهوم الكسب، هل هو الكسب المادي والأعلى مبيعات، أم الكسب في بقاء العمل وخلوده على مدى عقود وربما قرون. فأعمال الروائية البريطانية دوريس ليسينج كسبت في نظري؛ لأنها من الأدب الإنساني الرفيع، الأدب الخالد، ونالت بالطبع جائزة نوبل للآداب مقابل هذه الأعمال العظيمة. في مقابلها مواطنتها كي جي راولنج كسبت المبيعات في قصص سحر وخرافات، أعني هاري بوتر، لكنها لن تصبح من الأدب الرفيع يومًا، ولن تنال جائزة أدبية رفيعة مثلاً.

في نظري، إن الأدب الحقيقي هو ما سيبقى، ما عدا ذلك هو كتابات عابرة ومؤقتة.

البداية

Q

** كيف كانت بدايتك مع الكتابة الروائية؟ وما الذي دفعك لخوض هذا المجال؟

قد لا تصدق أنني حاولت في البدايات مرارًا وفشلت. كان نَفَسي قصيرًا جدًّا؛ فقد أسرتني كتابة القصة القصيرة سنوات طويلة، وكلما كتبت مدخل رواية توقفت، وشعرت بأنني لا أستطيع أن أكمل، حتى كتبت رواية (لغط موتى) أواخر التسعينيات من القرن الماضي عن روائي يحاول أن يكتب ويفشل؛ بسبب سطوة شخصياته عليه، واختطافها خيط السرد منه، وكانت من أولى الروايات العربية المكتوبة بأسلوب الـ"ميتارواية". وربما أفشي معاناتي لأول مرة؛ فقد قررت أن أخدع حالتي النفسية تجاه النص الطويل، واستخدمت ورق الصحف، الورق الفائض عن حاجة مطابع الجريدة، ويستخدمه الصحفيون لكتابة المقالات والتقارير وما شابه. كنت آنذاك صحفيًّا في صحيفة الرياض، وكان هذا الورق الكريمي الحميم بلا أسطر؛ فانطلقت أكتب حتى أنجزت هذه الرواية القصيرة التي ما زلتُ محتفظًا بها كمخطوطة أولى لدخولي عالم الكتابة الروائية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا