كتب محمود عبد الراضي
الإثنين، 10 مارس 2025 05:30 مفي ليالي رمضان المضيئة، يحرص المصريون على سماع أصوات قراء القرآن التي تملأ الأرجاء قبل آذان المغرب، تلك الأصوات التي تملك قدرة عجيبة على تهدئة النفوس وإضاءة الروح، حيث يظل قراء القرآن المصريون جزءًا لا يتجزأ من طقوس الشهر الفضيل.
إن تلاواتهم المرتلة ترتبط بالوجدان المصري، وتغذي قلوب الصائمين، حيث تصبح لحظات الاستماع إلى القرآن قبل الفطور بمثابة رحلة روحانية نحو الطمأنينة والإيمان.
حينما يذكر اسم عبد الباسط عبد الصمد، يتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر، ذلك الصوت الذي عبر الأزمنة والأماكن، ليكون جسرًا بين الأرض والسماء، بين الإنسان وكتاب الله.
وُلِد في عام 1927م بقرية المراعزة في جنوب مصر، ونشأ في بيئة قرآنية جعلت من القرآن الكريم نبراسًا وهدفًا، منذ أن كان في السادسة من عمره، كان يردد آيات القرآن بكلمات سلسة تلامس القلب، ويُدهش من حوله بعذوبة صوته.
منذ بداية مشواره، كان الشيخ عبد الباسط يملك قدرة غير عادية على تحكمه في مخارج الألفاظ وسلامة التجويد، ما جعله محطَّ أنظار الجميع. في عام 1951م، انتقل من قريته الصغيرة إلى القاهرة ليبدأ مرحلة جديدة من حياته، حيث سجّل أولى تلاواته الإذاعية وكان صوتًا فريدًا في عالم القراءة.
وكان هذا بداية سلسلة من التهاني والتكريمات التي استمرت طوال حياته، ليصبح أحد أعظم قراء القرآن في العالم العربي والإسلامي.
لقب "صوت مكة" كان تجسيدًا لهذا الصوت الذي كان يصل إلى قلوب المسلمين في جميع أنحاء العالم، فانتقل الشيخ عبد الباسط إلى محافل ومجالس دينية في جميع أنحاء المعمورة.
كانت تلاواته تُسمع في أروقة المساجد العريقة مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي، حيث كان يشدو بكلمات الله وسط الجموع التي تزدحم لسماع هذه النغمات القرآنية التي تأسر القلوب.
تجاوزت شهرة الشيخ عبد الباسط حدود الدول العربية، فكان يحيي ليالي رمضان في أرجاء الأرض، من باكستان إلى إندونيسيا، ومن أفريقيا إلى أوروبا، حيث تجمّع المسلمون في المساجد والساحات الكبرى للاستماع إلى تلاواته التي كانت تمسّ الروح قبل الأذن.
رحل الشيخ عبد الباسط عن عالمنا في 30 نوفمبر 1988م، لكن صوته، ذلك الصوت الذي هزَّ كيان السموات والأرض، لا يزال حيًا في كل آية، في كل حرف، في كل تلاوة عبر الأثير، مرسخًا مكانته كأعظم قارئ قرآن في القرن العشرين.
شهر رمضان في مصر ليس مجرد فترة صيام، بل هو رحلة روحانية تتجسد فيها الطقوس المتجددة، ومن أبرزها استماع المصريين لتلاوات قرآن مشايخهم المفضّلين، مع دقات أذان المغرب، تملأ أجواء المنازل والشوارع أصوات القراء الكبار ليصبحوا جزءًا من الروح الرمضانية، هذه الأصوات العذبة التي تلامس القلوب قبل الفطور، أصبحت جزءًا من هوية الشهر الكريم، حيث تمزج بين الهدوء والسكينة، وتعيد للأذهان ذكرى إيمانية طيبة تمس الأعماق، فتجعل كل لحظة من رمضان أكثر تقديسًا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.