فن / اليوم السابع

عبد الستار ناجى يكتب: الدراما التليفزيونية بين الإشارات والدلالات والتحولات

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

الحديث عن الدراما التليفزيونية في هذه المرحلة من تاريخها وبالذات الدورة الرمضانية لعام 2025 يعني الحديث عن مرحلة جد متقدمة قياسًا بسنوات طويلة ظلت خلالها الدراما السعودية حبيسة عباءة المسلسل التلفزيوني الأشهر – طاش ما طاش – والذى أسس لاحقًا نهجًا راح يشتغل عليه الكثير من الصناع ولعل من بينه – واي فاي – الذى يبدو باهتا أمام حالة المتغيرات المشبعة بالإشارات والدلالات والتحولات الكبري التى تؤكد أننا أمام قفزة في مفردات صناعة الإنتاج الدرامي في المملكة العربية السعودية.

وفي هذا العام مثلاً نحن أمام مجموعة متميزة من نتاجات الدرامية ومن بينها:

شارع الأعشي – الشميسي – عمتى نوير – يوميات رجل عانس – الزافر – هروج – شباب البومب 13 – واي فاي 5 – جاك العلم 2 – وغيرها من النتاجات التى لربما فاتنى شخصيا رصدها ومتابعتها أمام هذا الطوفان الهائل من الأعمال السعودية التى راحت تتحرك في اتجاهات تكاد تغطي كافة مفردات الإنتاج الدرامي التلفزيوني.

في جديد الدراما السعودية لهذا العام وأيضًا العام الماضي ونشير هنا إلى تجربتى – خيوط المعازيب – الأهم ضمن صناعة الإنتاج السعودي خلال السنوات الخمس الأخيرة على صعيد الشكل والمضمون وأيضًا الصنعة الإنتاجية بالإضافة إلى مسلسل – ثانوية النسيم.

ضمن جديد هذا العام هنالك آفاق متجددة وإضافية في رصيد القضايا التى راحت تشتغل عليها الدراما السعودية حتى رغم بعض الملاحظات على البناء الدرامي لعدد من الأعمال التى راحت بعد الحلقة الخامسة تدور في ذات الدائرة من اجترار الأحداث، ما يؤكد الحاجة إلى المزيد من الاشتغال على السيناريو والحوار وقبل كل ذلك التحليق في آفاق الفكرة ومنحها فضاءات أكبر من العمق الذى يجعل المشاهد يذهب إلى أبعاد الشخصيات وثراء الأحداث، ولكن كل ذلك لا يعنى أننا أمام تحولات كبرى مشبعة بالصدق في الطرح وتجاوز القشور إلى انشغلت بها طويلا الدراما الخليجية بشكل عام بالذات فيما يخص القضايا الاجتماعية من زواج وطلاق وإرث وشركة، وهوامش أخرى سرعان من تذهب الكثير من الأعمال إلى النسيان.

ضمن إطار المضامين نشيرإلى أن عددا من الأعمال اجتهدت كثيرا في الانعتاق من الصيغ التقليدية في الدراما الخليجية ومنها هذا العام – شارع الأعشي – و- الشميسي – بشخوصهما وأحداثهما وأيضا الصيغ الإنتاجية التى تؤكد يوما بعد آخر وتجربة بعد أخرى إلى أن البنية التحتية لصناعة الإنتاج الفني الدرامي بشكل عام والتلفزيونى بشكل خاص تكاد تكتمل من كتاب ومخرجين وممثلين ومصورين وغيرها من الحرف التى تشهد تنامي واضح جلي .. وهناك أيضا مسلسل (الزافر) الذي يذهب بنا إلى منطقة بكر في الدراما التلفزيونية السعودية وهي منطقة الجنوب السعودي ونشير هنا الى ان دراما المناطق تحتاج الى احترافية في فهم واستيعاب اللهجات كما في تجربة (خيوط المعازيب).

حتما هنالك ملاحظات لا يمكن تجاوزها، وفي مقدمتها التباين في مستويات الأداء بين – كوكبة – من الاسماء التى لا تكاد تتجاوز أصابع اليدين قياسا ببقية الأسماء وهى كثيرة التى يأتى حضورها باهتا لا يحقق الإضافة ممن يعمل على هبوط الإيقاع في إطار التمثيل وهنا نشير إلى مجموعة من الأسماء التى يشكل حضورها حالة من البهاء والتفرد، وفي مقدمتها الفنانون عبد المحسن (يتألق هذا العام في المسلسل الخليجي – عابر سبيل)، وخالد صقر (شارع الأعشي) والهام على (شارع الأعشي) وإبراهيم حجاج (يوميات رجل عانس) وعبد الله السناي (الشميسي) وريم عبد الله (الشميسي). وفي هذا العام هناك حضور لافت للفنان الشاب عبد الرحمن نافع.

وهنا تبدو الحاجة الماسة إلى وجود معهد عال للفنون الأدائية أو أكاديمية للفنون الأدائية تعمل على الارتقاء بالكوادر السعودية في هذا المجال الخصب، بالإضافة إلى معاهد متخصصة في فنون التصوير والإضاءة ( بالمناسبة تشكل الاضاءة مشكلة كبري في الدراما السعودية بشكل عام يفترض التوقف عندها طويلا، حيث تبدو الإضاءة بشكل عام غيره عن المشاهد ولا تكاد تمثل طبيعة الإضاءة التى نتمتع بها في المنطقة من شمس مشرقة طويلة العام وظلالها الثرية ..وهناك ملاحظة في ذات الإطار حيث الديكورات والإكسسوارات حيث ضرورة وجود المدير الفني (آرت ديركشن) يعمل على تقديم ديكورات تثري المشهد وليست مجرد ديكورات خاوية باهتة .. ناصعة البياض ( رغم القدم فان النسبة الاكبر من ديكورات الدراما السعودية تلمع !). 

ضمن معادلة المتغيرات على صعيد المضمون هنالك كم من القضايا التى راحت تتصدي لها الدراما السعودية وهى من نسيج المجتمع السعودية خارج إطار تلك الصيغ التى ظلت تناقش دائما في إطار كوميدي ضمن منهجية – طاش ما طاش – الذى لا ننكر قيمته واهميته ولكننا اليوم أمام متغيرات تجاوزت ذلك الإطار بمسافات فلكية وعمق أبعد واشتغالات احترافية على صعيد الشكل والمضمون.

في ذات الإطار نشير إلى أننا ضمن منهجية المتغيرات (العاصفة) في كم تلك الوجوة النسائية، بعد أن ظلت الدراما السعودية يكاد بها حضور المرأة نادرا وفي أحيان كثيرة يتم خلالها الاستعانة بكوادر رجالية لأداء شخصية نسائية وهنا نتوقف عند التجربة الأهم خليجيا والتى تمثلت بالفنان الكويتي الراحل عبد العزيز النمش في الكثير من الأعمال الكويتية وفي الدراما السعودية هناك اسم الفنان الراحل عبد الله المزيني.

وضمن نجمات اليوم في الدراما السعودية نشير بكثير من التقدير إلى مجموعة من الأسماء التى استطاعت أن تحقق حضورها اللافت، ومن أبرزهم ريم عبد الله وإلهام على (بحضور عميق) وميلا الزهراني (شاهدتها في هوبال) وفاطمة الشريف وهى تمثل أحد الرهانات الإضافية في رصيد الدراما السعودية الجديدة.

اليوم الدراما السعودية أمام متغيرات كبرى، وعليها أن تتحرك في خط متواز على منظومة تجاوز الأطر التى تضيق مسارات التوزيع، وهو أمر تبدو الدراما السعودية في أمسّ الحاجة الية للانطلاق بعيدا ونحن هنا لا نقلل من الدعم الإنتاجي الذى تقدمة القنوات السعودية، ومن بينها – التلفزيون السعودي وغيره.. ولكن الطموح بأن يتم تجاوز كل ذلك للانطلاق بعيدا، وهو أمر يحتاج إلى مضامين وصنعة فنية تحلق بهذا المنجز الإبداعي إلى آفاق أرحب وأبعد وأثرى وأخصب.

الدراما السعودية اليوم تعيش مرحلة مهمة من تاريخها، وهو أمر يكاد يلمسه القاصي قبل الداني، ولكن لا بد من الاشتغال على معادلة التكامل الفنى والإبداعي من أجل اختصار الكثير من الوقت للذهاب بعيدا.

فعلى صناع الدراما السعودية أن يفكروا جيدا بأن الدراما السعودية ليست في معرض التنافس مع الدراما الكويتية أو المصرية أو السورية بقدر ما هي دعوة للتكامل الإبداعي الخليجي وهو الأمر الذي نشدد عليه ونراهن عليه رغم أهمية وثراء كل منطقة وخصوصيتها وهويتها ولكننا نتحدث عما هو أبعد من حيث خبرة ولياقة الكوادر الفنية أمام الكاميرا وخلفها.

ويبقي أن نشيد بالدعم السخي الذى تقدمه الكثير من القطاعات الإنتاجية وأيضا شركات القطاع الخاص فهي تقوم بإسناد إنتاجي كان له أبعد الأثر في النقلة الكبرى التى تعيشها صناعه الانتاج التلفزيوني في المملكة العربية السعودية.

ويبقي أن نقول..

ما هو قادم .. أفضل

وعلى المحبة نلتقي

الدراما السعودية
مسلسل  الشميسي 

 

مسلسلات
يوميات رجل عانس

 

 

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا