تم النشر في: 07 مارس 2025, 12:32 مساءً في إحدى المعارك التي خاضها جيش العباسيين ضد الخوارج، وجد الشاعر أبو دلامة نفسه مجبرًا على القتال بعدما أقسم الخليفة على إرساله إلى الجبهة. لكنه، بطريقته الفريدة، استطاع أن يحوّل ساحة القتال إلى مشهد ساخر لا يُنسى. حين التقى الجيشان، ادّعى أبو دلامة أمام القائد روح بن حاتم المهلبي أنه لو كان يمتطي فرسه ويحمل سلاحه، لأحدث فرقًا كبيرًا في المعركة. وبكل طرافة، وافقه روح على ذلك وأعطاه فرسه وسلاحه، فما كان من أبي دلامة إلا أن تراجع قائلًا: "أيها الأمير، هذا مقام العائذ بك، وقد قلت بيتين فاسمعهما"، ثم أنشد: إني استجرتك أن أقدم في الوغى لتطاعنٍ وتـنـازلٍ وضـراب فهب السيوف رأيتها مشهورةً فتركتها ومضيت في الهـراب ضحك القائد من مراوغة أبي دلامة، لكنه أصر على مشاركته في القتال. وعندما خرج أحد الخوارج يطلب المبارزة، أمره روح بالتقدم، إلا أن أبا دلامة تذرع بالجوع وطلب طعامًا قبل القتال، فأُعطي رغيفين ودجاجة. بدهاء شديد، توجه نحو الخارجي وبدأ بمحاورته بذكاء، مذكّرًا إياه بعدم جواز قتل من لا يقاتل، وأنه لا عداوة بينهما، بل إنه يتبنى نفس أفكاره. وبعد نقاش قصير، اقتنع الرجل وطلب من أبي دلامة الانصراف، إلا أن الأخير أصرّ على تناول الطعام معه أمام الجيشين تأكيدًا للمودة. وقف الجميع يشاهدون المشهد الغريب، بينما اجتمع الخصمان على الطعام وسط ضحكات العسكر، ليعود بعدها أبو دلامة إلى القائد قائلاً: "أما أنا فقد كفيتك قرني، فقل لغيري أن يكفيك قرنه كما كفيتك".