04 مارس 2025, 10:14 صباحاً
في بلاط بني حمدان، حيث كانت الكلمة ميزاناً والمجد للشعراء، كان أبو الطيب المتنبي؛ نجم المجالس وسيد القصائد. اعتاد أن يُدعى إلى قصر الأمير سيف الدولة ليُكرَّم، لكن في تلك الليلة، جاءه الرسل بوجوه عابسة ولباس النذارة الأسود، وليس بالبشائر التي اعتادها.
تحية لم تُرد.. وعتاب لم يُمهل
مرّ سيف الدولة بموكبه أمام بيت المتنبي، وألقى عليه التحية، لكن الشاعر، الغارق في أفكاره وأوزانه، لم يتنبه، ولم يرد السلام. الأمير، الذي لم يكن يقبل بالتجاهل، عاد إلى قصره غاضباً، وأمر بإحضاره فوراً.
عندما مَثل المتنبي بين يديه، عاجله الأمير بحدة:
"ويحك! بلغت بك الجرأة أن تتجاهلني ولا ترد عليّ السلام".
فُوجئ المتنبي، وحاول استيعاب الأمر:
"جُعِلتُ فداك، متى كان ذلك؟".
لكن التبرير لن يُجدي، فالموقف يتطلب شيئاً أعظم من الاعتذار. وهنا، لم يجد المتنبي مخرجاً إلا في سلاحه الأقوى.. الشعر، فارتجل سريعاً:
"أنا عاتبٌ لِتَعَتُّبِكْ متعجبٌ لِتعجبكْ
قد كنتُ حين لقيتني متوجعاً لِتغيُّبكْ
فشُغِلْتُ عن ردِّ السلا م، وكان شغلي عنكَ بكْ".
بيت واحد.. وانقلب الغضب إلى رضا
بمجرد أن انتهى المتنبي، تبدل وجه الأمير، وابتسم قائلاً:
"بارك الله فيك، ولا حرمنا من فيك".
ثم ناوله كيساً من الدراهم، لكن المتنبي، الذي أحب أن يُظهر نزاهته، قال متظاهراً بالاعتداد بنفسه:
"سيدي، لم أقل فيك شيئاً أستحق عليه المكافأة".
لكن سيف الدولة كان أكثر دهاءً، فردّ عليه مبتسماً:
"هذه لقاء ما روّعناك به".
في هذه اللحظة، تدخل ابن عم الأمير، الشاعر أبو فراس الحمداني؛ وقال بسخرية:
"والله إنه لكاذب".
ضحك سيف الدولة وأجابه بذكاء:
"والله إنك لصادق، ولكنني كافأت النبوغ فيه".
وهكذا، لم يكن الشعر مجرد فن للمتنبي، بل درع تحميه وسيف يفتح له أبواب القصور.. حتى القلوب.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.