تكنولوجيا / الصباح العربي

الرقمي”.. كيف غيرت التكنولوجيا طقوس الشهر الكريم؟اليوم الثلاثاء، 4 مارس 2025 11:21 صـ   منذ 22 دقيقة

لطالما ارتبط شهر المبارك بطقوس وعادات دينية واجتماعية متوارثة عبر الأجيال، إلا أن التطور التكنولوجي أحدث تحولات عميقة في طريقة ممارستها، ليظهر مفهوم "رمضان الرقمي"، حيث أصبحت التطبيقات الذكية، والمنصات الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من التجربة الرمضانية الحديثة.

وأصبحت الهواتف الذكية أداة رئيسية لمساعدة المسلمين في أداء عباداتهم خلال شهر رمضان، كما وفرت القرآن الكريم مثل "Ayat" و"Quran Majeed" تجربة قراءة سهلة مع تلاوات متنوعة وتفسيرات متعددة اللغات، بينما قدمت تطبيقات الأذكار مثل "Muslim Pro" و"Athan" إشعارات بالأذكار اليومية وأوقات الصلاة بناءً على الموقع الجغرافي للمستخدم.

وأصبح بالإمكان متابعة الدروس الدينية عبر منصات مثل "يُسر" و"Bayyinah TV" التي وفرت محاضرات في التفسير والحديث والتزكية، ما عزز الوعي الديني دون الحاجة إلى حضور حلقات العلم التقليدية في المساجد.

ومنذ قرون، ارتبط شهر رمضان بصوت المسحراتي الذي جاب الشوارع ليلًا لإيقاظ الصائمين للسحور، إلا أن هذا التقليد بدأ في التراجع لصالح التكنولوجيا الحديثة، حيث ظهرت تطبيقات حاكت صوت المسحراتي مثل "Musaharati"، إضافة إلى الرسائل النصية والتنبيهات الصوتية التي وصلت إلى الهواتف لتذكير المستخدمين بالسحور.

كما أطلقت بعض الدول العربية مبادرات رقمية للحفاظ على هذا التقليد، مثل الاستعانة بروبوتات ذكية أو استخدام مكبرات الصوت الذكية لتشغيل نداءات السحور في الأحياء السكنية، وهو ما أثبت أن التكنولوجيا لم تلغ التقاليد بقدر ما أعادت تشكيلها بطرق عصرية.

ولم تقتصر منصات التواصل الاجتماعي على الترفيه والتواصل، بل أصبحت ساحة للأنشطة الدينية والثقافية خلال رمضان. إذ انتشر عبر "تيك توك" و"إنستجرام" محتوى متنوع شمل تلاوات قرآنية قصيرة، ونصائح دينية، وتجارب شخصية مع الصيام.

في الوقت ذاته، اعتمدت المؤسسات الدينية على منصات مثل "" و" لايف" لبث الخطب والدروس الرمضانية مباشرة، ما منح المسلمين في جميع أنحاء العالم فرصة متابعة علماء الدين والمشاركة في الفعاليات الدينية بسهولة.

وأدى انتشار تطبيقات التوصيل مثل "طلبات" و"جاهز" و"Uber Eats" إلى تغيير مفهوم إعداد موائد الإفطار والسحور، حيث بات بإمكان الصائمين طلب وجباتهم بسهولة من المطاعم أو شراء المكونات الغذائية عبر الإنترنت دون الحاجة إلى زيارة الأسواق المزدحمة.

وتعليقا على تأثير التكنولوجيا على طقوس الشهر الكريم، تقول الطبيبة والكاتبة إنجي مهند، لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، إن الأمر اعتمد على ميول الفرد الدينية، فروحانيات وعبادات كل شخص زادت أو قلت مع التكنولوجيا حسب توجهاته، فمن أراد التعبد بإخلاص في رمضان استغل التكنولوجيا لتعزيز ذلك، بينما من انجذب إلى عوامل التشتت وجد فيها عقبة أمام التركيز الروحاني".

وأضافت مهند أن الذكاء الاصطناعي لم تتضح معالمه بعد، فقد ظل ضعيفًا على أرض الواقع مقارنة بـ "البروباجاندا" التي رافقت انطلاقه.

ولفتت إلى أن القلق الأكبر، من وجهة نظرها، يكمن في العالم الافتراضي (Virtual Reality)، متسائلة: "ماذا لو قيل لك مستقبلاً: لماذا سافرت للحج أو العمرة بينما أمكنك أن تعيش الأجواء ذاتها من منزلك؟ أو حتى لماذا ذهبت للصلاة في المسجد بينما أمكنك الانضمام إلى صلاة جماعية افتراضية عبر أحد التطبيقات؟"

من جانبه، رأى المترجم السوري فادي الطويل أن الحديث عن تقنيات التواصل الحديثة وجب أن يتم وفق تطورها التاريخي، إذ أنها أرخت لثورة فارقة في التاريخ البشري.

ولفت إلى أن هذه التقنيات تداخلت في تفاصيل الحياة اليومية، مما دفع البعض إلى تصورات عن تمرد "الآلة الذكية" على البشر، كما عكسته العديد من الأعمال السينمائية مثل "Black Mirror".

وحول تأثير التكنولوجيا على الروحانية في رمضان، أكد الطويل أن المسألة ذات وجهين: "كما أنها سهلت الوصول إلى المعلومات والبيانات، فقد سببت تشتيتًا للانتباه، مما جعل الحفاظ على الجانب الروحاني يتطلب جهدًا أكبر، لكن ليس إلى حد إضعافه بالكامل".

أما فيما يخص انتشار التطبيقات الدينية مثل القرآن والأذكار، رأى الطويل أن هذه الأدوات الرقمية لم تؤثر سلبًا على العبادات التقليدية، إذ بقيت الفرائض بحاجة إلى التنفيذ الواقعي والانخراط الجماعي. وقال: "لم يمكن لأي أن يحل محل التفاعل الإنساني في صلاة الجماعة أو اللقاءات الدينية في المساجد".

وعن المظاهر الرمضانية التقليدية مثل "المسحراتي"، قال الطويل إن "المسحراتي الإلكتروني والتذكيرات عبر التطبيقات هددت الرمزية التراثية لهذه الشخصية التي ارتبطت بالذاكرة الجماعية، حتى وإن تغيرت طبيعة الحياة الاجتماعية وأصبحت السهرات أمرًا شائعًا، فإن مجرد وجود المسحراتي ظل مظهرًا جميلاً انتظره الناس سنويًا".

وحول تدفق المحتوى الترفيهي والمسلسلات عبر المنصات الرقمية، أشار الطويل إلى أن "المسألة أثارت الجدل سنويًا، فصناعة الترفيه في تطور مستمر ولم تعد وسائل المتابعة محدودة كما كانت أيام الإعلام التقليدي. اليوم، فرضت هذه الصناعة تأثيرًا غير مسبوق، مما جعل تحقيق التوازن بين الترفيه والعبادة والعمل في رمضان تحديًا تطلب تركيزًا وتحديدًا للأولويات، لكنه لم يكن سهلاً نظرًا للأساليب الإعلامية والإعلانية المتطورة التي استُخدمت في استقطاب الجمهور".

أما عن مستقبل الشعائر الرمضانية في ظل التطور التكنولوجي،فيرى الطويل أنه "لم يمكن استبدال تنفيذ الشعائر بالكامل، لأنها تطلبت جهدًا بشريًا لا غنى عنه"، موضحًا أن "بعض العبادات كالتبرع بالصدقات أو أداء الزكاة عبر التطبيقات قد أصبحت أكثر انتشارًا، لكن هذا لم ينطبق على الصلاة أو الحج، لأنهما تطلبا انخراطًا جماعيًا وأداء طقوس محددة لم يمكن تجاوزها رقميًا".

من جانبه، قدم المسرحي السكندري الشاعر أسامة الهواري رؤية مختلفة حول تأثير التكنولوجيا على رمضان، حيث اعتبر أن "التكنولوجيا لم تحل محل الطقوس التقليدية، بل أضافت إليها أبعادًا جديدة قد تعزز التجربة الروحانية والاجتماعية بطرق غير متوقعة".

وأوضح أن "التفاعل الرقمي قد يسهم في ترسيخ الوعي الديني من خلال النقاشات المفتوحة على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن التطبيقات الدينية قد توفر فرصًا للأشخاص الذين يواجهون صعوبة في الالتزام بالعبادات التقليدية، مما يجعل رمضان أكثر شمولًا واتساعًا".

وحذر الهواري من أن "الاندماج الكامل في العالم الرقمي قد يحول الشهر الفضيل إلى تجربة سطحية، حيث يصبح الإنسان مستهلكًا للمحتوى الديني والترفيهي دون أن يعيش الأجواء الروحانية الحقيقية".

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الصباح العربي ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الصباح العربي ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا