اقتصاد / ارقام

الحرمان من النوم .. الاقتصاد العالمي يدفع مليارات الدولارات ثمنًا للأرق

  • 1/4
  • 2/4
  • 3/4
  • 4/4

كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل عندما دخلت المدمرة الأمريكية "أوسكار أوستن" قناة ضيقة تؤدي إلى بحر البلطيق، وتبعتها ثلاث مدمرات أخرى.

 

كان قائد المدمرة "جون كوردل"، وهو قبطان بحري ماهر وذو خبرة، قد أمضى 36 ساعة دون نوم، عندما بدأت السفينة رحلتها في مهمة تدريب روتينية، ورغم محاولاته أن يبدو متماسكًا فإن قلة النوم أثرت على قدرته على التركيز واتخاذ القرارات.

 

وحينما أبلغه الملاح بأن المدمرة تواجه مشكلة في تحديد الاتجاهات، أمر "كوردل" ​​السفينة بالتباطؤ سريعًا ناسيًا أن هناك ثلاث مدمرات أخرى قادمة بسرعة خلفه ستصطدم بسفينته في حال استجاب الملاح لقراره.
 

 

وكانت الكارثة على وشك الوقوع لولا تدخل أحد أفراد الطاقم محذّرًا القبطان من تبعات هذا القرار، وعن هذا يقول "كوردل"​: "لقد سمحت لنفسي بالتعب لدرجة أنه عندما احتاجني الطاقم حقًا للتدخل واتخاذ قرار، كنت متعبًا للغاية بحيث لم أستطع إدراك ما كان يحدث حولي".

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

قصة "كوردل" ليست استثناء، بل هي متكررة بتفاصيل مختلفة، ما يعكس مدى خطورة الحرمان من النوم، والذي يتسبب في خسائر مادية وبشرية واسعة النطاق.

 

ففي عالم يسوده الإيقاع السريع، يتفاخر البعض بالسهر والعمل لساعات متأخرة، غير مدركين أن هذا النمط لا يؤثر فقط على صحتهم، بل يمتد تأثيره ليضرب الإنتاجية، ويزيد من معدلات الحوادث، ويضعف الأداء الاقتصادي للدول.

 

ولطالما ارتبطت قلة النوم بالإرهاق والتعب، لكن هل تخيلت يومًا أن نقص النوم قد يُكبد الاقتصاد العالمي خسائر بمليارات الدولارات سنويًا؟

 

فالحرمان من النوم مشكلة تؤرق ملايين الأشخاص حول العالم، وله تأثير واسع النطاق يتجاوز الجوانب الشخصية، ويؤثر على الإنتاجية الاقتصادية ويكلف الاقتصاد العالمي ثمنًا باهظًا.

 

وأظهرت أبحاث كثيرة أن نقص النوم يؤدي إلى انخفاض الأداء الوظيفي، وزيادة معدلات التغيب عن العمل، وارتفاع مخاطر الحوادث في أماكن العمل وعلى الطرقات.

 

التكلفة الاقتصادية للحرمان من النوم

 

يُعد النوم الجيد عاملًا رئيسيًا للحفاظ على الأداء الأمثل في بيئة العمل، ومع ذلك يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من قلة النوم بسبب ضغوط الحياة المتزايدة.

 

وتشير الدراسات إلى أن الاقتصادات الكبرى تتكبّد خسائر بمليارات الدولارات سنويًا لانخفاض كفاءة القوى العاملة بسبب قلة النوم.

 

 

وذكر تقرير صادر عن مؤسسة راند للأبحاث أن الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان وألمانيا تفقد مليارات الدولارات سنويًا بسبب تدني جودة النوم لدى القوى العاملة. وبحسب التقرير، يخسر اقتصاد الولايات المتحدة قرابة 411 مليار دولار أمريكي سنويًا بسبب انخفاض الإنتاجية نتيجة الحرمان من النوم، وهو ما يمثل 2.3% من ناتجها المحلي الإجمالي، في حين تخسر نحو 138 مليار دولار سنويًا.

 

كما تتأثر اقتصادات أخرى مثل المملكة المتحدة (50 مليار دولار)، وألمانيا (60 مليار دولار)، وكندا (21 مليار دولار) بسبب نقص النوم.

 

أما في أستراليا، فقدّرت دراسة نُشرت في مجلة Sleep أن إجمالي العبء الاقتصادي لعدم كفاية النوم خلال عامي 2016 و2017 بلغ 45.2 مليار دولار، متضمنًا التكاليف الصحية والخسائر الإنتاجية.

 

عدد ساعات العمل المفقودة جراء الحرمان من النوم في  عدد من الدول المتقدمة

الدولة

عدد الساعات (بالمليون)

الولايات المتحدة

9.9

اليابان

4.8

المملكة المتحدة

1.7

ألمانيا

1.7

كندا

0.6

 

وإضافةً إلى انخفاض الإنتاجية، يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة احتمالية الأخطاء في العمل، وحوادث الطرق، والمشكلات الصحية المزمنة مثل أمراض القلب والاكتئاب، مما يفرض عبئًا إضافيًا على أنظمة الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.

 

وغالبًا ما يواجه الموظفون المحرومون من النوم صعوبة في التركيز ويكونون أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء، ويعانون من انخفاض الحافز، وتراجع الإبداع، وضعف مهارات الاتصال.

 

بالإضافة إلى ذلك، يكون العمال المرهقون أكثر عرضة للاحتراق الوظيفي، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الغياب ودوران الموظفين، وهو ما يؤثر سلبًا على استقرار وإنتاجية المؤسسات.

 

ويرتبط الحرمان المزمن من النوم بأمراض خطيرة تشمل السمنة، والسكري، والاضطرابات النفسية، مما يضر بصحة الموظف ويتسبب في ارتفاع النفقات الطبية، وانخفاض الإنتاجية، وزيادة مطالبات التعويض.

 

كما تشير الدراسات إلى أن العمال الذين ينامون أقل من 6 ساعات يوميًا معرضون بشكل أكبر للحوادث والإصابات في أماكن العمل.

 

ويؤكد الخبراء أن معالجة هذه المشكلة أمر ممكن من خلال التوعية بالنوم الصحي، ووضع سياسات ملائمة في أماكن العمل، كما يمكن أن تلعب التدخلات الطبية دورًا هامًا في تحسين جودة النوم، وبالتالي تحقيق فوائد اقتصادية وصحية كبيرة.

 

الحرمان من النوم وحوادث الطرق

 

تُعدّ القيادة أثناء النعاس مخاطرة تؤدي إلى آلاف الحوادث كل عام، إذ إن الأشخاص الذين ينامون دون سبع ساعات يوميًا يكونون أكثر عرضة لخطر التسبب في حادث مروري.

 

 

ويرجع ذلك إلى أن النعاس يؤدي إلى إضعاف القدرة على التركيز، وإبطاء الاستجابة، والتأثير على قدرة اتخاذ القرارات، مما يزيد من احتمالية وقوع حادث.

 

وفي عام 2017، قدرت الإدارة الأمريكية لسلامة المرور على الطرق السريعة أن القيادة أثناء النعاس أدت إلى 91 ألف حادث مروري، و50 ألف إصابة، و800 حالة وفاة في الولايات المتحدة.

 

كما وجدت دراسة أجراها نادي السيارات التابع للجمعية الأميركية للسيارات أن السائقين الذين ينامون أربع أو خمس ساعات فقط في الليلة لديهم معدل حوادث أعلى بخمس مرات من أولئك الذين ينامون سبع ساعات.

 

لذلك، تقدم إدارات المرور حول العالم العديد من النصائح للسائقين من أجل تجنب النوم أثناء القيادة من بينها الحصول على كافٍ من النوم لمدة لا تقل عن 7-9 ساعات يوميًا.

 

كما تُوصي بأخذ فترات راحة أثناء الرحلات الطويلة، والتوقف كل ساعتين أو كل 160 كيلومترًا للراحة، إضافة إلى أخذ قيلولة قصيرة في مكان آمن عند الحاجة إذا شعر قائد السيارة بالنعاس أثناء القيادة لفترة تتراوح ما بين 15 إلى 30 دقيقة.

 

ومن بين التوصيات الأخرى تجنب القيادة خلال الأوقات التي يكون فيها الجسم معتادًا على النوم، وعدم الاعتماد على القهوة أو مشروبات كحل وحيد، إذ تمنح هذه المشروبات يقظة مؤقتة.

 

اليوم العالمي للنوم

 

استشعارًا لأهمية النوم، أطلقت الرابطة العالمية لطب النوم في عام 2008، اليوم العالمي للنوم لأول مرة بهدف التوعية بمشكلات النوم الشائعة، والترويج لعادات نوم صحية، وتسليط الضوء على تأثير قلة النوم على الصحة الجسدية والعقلية.

 

وتحتفل أكثر من 70 دولة حول العالم بهذا اليوم في الجمعة الثالثة من شهر مارس كل عام، عبر تنظيم أنشطة توعوية، وندوات علمية، وحملات إعلامية لتشجيع الأفراد على تحسين جودة نومهم.
 

 

ويشدد الخبراء على أن النوم الجيد ليس رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على الأداء الأمثل في الحياة اليومية والعمل.

 

ورغم نمو قطاع الصحة عالميًا، إذ بلغ حجمه 6.3 تريليون دولار في عام ، وهو ما يمثل نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلا أن مشكلات النوم لا تزال واسعة النطاق وتؤثر على ملايين الأشخاص.

 

ففي الولايات المتحدة فقط يعاني من 50 إلى 70 مليون بالغ من اضطرابات النوم.

 

ومع التوقعات بنمو قطاع الصحة بمعدل سنوي يبلغ 7.3% ليصل إلى 9 تريليونات دولار بحلول عام 2028، يأمل الخبراء في أن يحسن هذا الأمر من جودة النوم عالميًا.

 

ولتخفيف الخسائر الاقتصادية المترتبة على قلة النوم، توصي المؤسسات الصحية وخبراء الاقتصاد باتباع استراتيجيات مثل تشجيع الشركات على تعزيز ثقافة النوم الصحي عبر التوعية، وتقليل ساعات العمل المرهقة واعتماد جداول عمل مرنة.

 

كما تدعو تلك المؤسسات إلى العمل على تحسين الوعي العام حول أهمية النوم الجيد للصحة والإنتاجية، واستثمار الحكومات في سياسات صحية تعزز النوم الكافي بين المواطنين.

 

وتعكس الخسائر المالية الضخمة الناجمة عن الحرمان من النوم مدى خطورة تلك القضية، وكيف أنها تشكل تحديًا كبيرًا للاقتصادات العالمية، وتؤدي إلى خسائر مالية ضخمة سنويًا.

 

لذلك، يُعد تحسين جودة النوم خطوة ضرورية لتعزيز الإنتاجية، وخفض تكاليف الرعاية الصحية، والحد من الحوادث، مما ينعكس إيجابيًا على الأفراد والاقتصاد ككل.

 

المصادر: أرقام- مؤسسة راند- أكسفورد أكاديمي- مجلة Sleep- الإدارة الأمريكية لسلامة المرور على الطرق السريعة- هارفارد بيزنس- منظمة الصحة العالمية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا