عرب وعالم / السعودية / صحيفة سبق الإلكترونية

لا تجعل شهر يمر دون أثر في حياتك.!!

تم النشر في: 

28 فبراير 2025, 5:37 مساءً

نحمد الله أن منّ علينا بنعمة الإسلام، وأكرمنا بالعيش في وطن آمن تحتضن قيادته و شعبه رعاية الحرمين الشريفين رعاية قصوى ، وتحرص على تقديم خدمات جليلة لضيوف الرحمن، حيث توجه الجهات المعنية بتكثيف جهودها خلال شهر المبارك لضمان راحتهم، وتقديم أعلى مستويات الخدمة، بما يعكس دور المملكة الرائد في خدمة الإسلام والمسلمين.

وقد شهد الحرمان الشريفان خلال السنوات الأخيرة مشاريع توسعية ضخمة، أسهمت في رفع الاستيعابية وتقديم بيئة روحانية مريحة للمعتمرين والمصلين. كما نجحت المملكة في إدارة الحشود بكفاءة عالية، لا سيما في العشر الأواخر من رمضان العام الماضي، حيث تجاوز عدد المعتمرين في المسجد الحرام 22 مليون زائر، وفق الإحصائيات الرسمية، وسط تنظيم دقيق وانسيابية عالية في التنقل وأداء المناسك. كما تشير التقارير إلى أن المملكة استفادت من أكثر من 15,000 متطوع في تقديم الخدمات المختلفة لضيوف الرحمن، مع معدل رضا تجاوز 95% من الزوار، مما يعكس حجم العمل المبذول.

ومع حلول شهر رمضان، تتجدد الأجواء الروحانية، ويُفتح أمامنا بابٌ واسعٌ للاستفادة من الوقت في تعزيز علاقتنا بأنفسنا وبمن حولنا، بدلًا من الانشغال بالمظاهر الجانبية التي أصبحت تسيطر على الشهر.

يمر رمضان سريعًا، ومع ذلك نجد أن البعض لا يزال يضيّعه بين السهر الطويل، والمبالغة في متابعة المحتوى الترفيهي، والانشغال بتحضير الموائد المبالغ فيها. بينما الأصل أن يكون رمضان فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وتخصيص جزء من الوقت للراحة الذهنية، والتطوير الشخصي، والاهتمام بالصحة، والتواصل الفعلي مع العائلة والمجتمع.

لا يكفي أن نتحدث عن الاستفادة من رمضان دون أن نقدم أمثلة عملية يمكن أن تسهم في تحقيق هذه الفائدة. مثلًا : يمكن تقسيم اليوم الرمضاني إلى فترات مخصصة للعبادة، والعمل، والراحة الشخصية. و إضافة ساعة مخصصة للتأمل أو القراءة في القرآن بعد صلاة كفيلة أن تكون نقطة انطلاق لتحسين الروحانية. كذلك، تخصيص وقت بعد الإفطار لممارسة الرياضة أو المشي تحسن الصحة البدنية، بدلًا من قضاء الساعات الطويلة أمام التلفاز ومتابعة المسلسلات.

إضافة إلى ذلك، يعد التنظيم الشخصي أحد الحلول الهامة لتحقيق الاستفادة القصوى من رمضان. و يمكن للمرء تخصيص وقت للراحة بشكل منتظم حتى في الأيام المتعبة، مثل أخذ قيلولة قصيرة بعد صلاة العصر لضبط مستويات الطاقة. كما يمكن تحديد وقت لاستخدام الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي لتقليل الانشغال غير الضروري، مما يعزز القدرة على التركيز في العبادات والتواصل الشخصي.

رمضان كان ولا يزال فرصة ذهبية لتعزيز الروابط الأسرية، حيث يجتمع أفراد العائلة حول مائدة واحدة، وتتجدد الذكريات الجميلة. لكن مع التطورات الحديثة، أصبحت بعض العائلات تكتفي بالتواصل عبر المراسلة أو منصات التواصل الاجتماعي، ما أفقد هذا الشهر إحدى أهم قيمه الاجتماعية. إن إعادة إحياء الزيارات واللقاءات العائلية، حتى وإن كانت بسيطة، تعيد الدفء إلى العلاقات، خاصة في زمن أصبح فيه الانشغال نمط حياة.

تشير الدراسات إلى أن الإنفاق على الطعام في رمضان يزيد بنسبة 40% مقارنة بالأشهر العادية، وهو ما يعكس تحول رمضان إلى موسم استهلاكي. بينما الأصل أن يكون الاعتدال والتوازن هو الأساس في التعامل مع الطعام والإنفاق. فمن المظاهر التي تحتاج إلى إعادة نظر، ازدحام الأسواق، وامتلاء الموائد بأصناف لا حصر لها، وكأن الهدف هو تعويض ساعات الصيام، بينما الأصل هو الاعتدال. ومن المهم أن يكون التعامل مع الأكل في رمضان واعيًا، بحيث يكون مصدرًا للطاقة وليس سببًا للكسل والخمول. كما أن الإنفاق المتزن يجعل الشهر فرصة لمساعدة المحتاجين بدلًا من التبذير في أمور غير ضرورية.

من الضروري أن يدخل رمضان في حياتنا بنية واضحة وخطة محكمة. فالتخطيط المسبق يمكن أن يحسن استفادتنا من هذا الشهر المبارك. سواء كانت النية في تجديد العلاقة مع الله من خلال الصلاة والذكر، أو تحسين العادات الصحية كتقليل السكريات أو زيادة النشاط البدني.

كتابة الأهداف وتحديد طريقة قياس التقدم تجعل من رمضان فترة ذات مغزى حقيقي. رمضان ليس مجرد شهر صيام، بل مساحة مثالية لإحداث تغيير حقيقي في نمط الحياة. البعض يستغل هذا الشهر لتعديل نظامه الغذائي، والآخر يجعله بداية للاهتمام بلياقته البدنية، وهناك من يجد فيه فرصة للتخلص من بعض العادات السلبية، مثل الإفراط في استخدام الهاتف أو السهر غير المبرر. التغيير ليس في العبادات فقط، بل في نمط الحياة ككل، ومن يدرك ذلك يستطيع أن يجعل من رمضان محطة انطلاق جديدة نحو الأفضل.

في عالمنا المعاصر، تواجهنا العديد من التحديات التي قد تؤثر على تجربتنا الرمضانية. التكنولوجيا والإنترنت، على سبيل المثال، يمكن أن تسرق وقتنا إذا لم نكن واعين بذلك. يمكن أن يكون الحل في تحديد وقت معين لاستخدام الهاتف أو التقليل من مشاهدة المحتوى الترفيهي، بهدف أن يكون وقت رمضان مخصصًا للعبادة والتواصل الحقيقي مع الآخرين. ولا يقتصر الخير في رمضان على الزكاة أو الإفطار فقط، بل يمكن توسيعه ليشمل أعمالًا أخرى، مثل التطوع في الأعمال الخيرية أو مساعدة المحتاجين في مجتمعاتنا. يمكن أن يكون هذا الشهر فرصة للتفكير في الآخرين من خلال أعمال صغيرة، كزيارة المرضى، أو التبرع بالدم، أو حتى مساعدة الجيران في تحضير الإفطار.

ختامًا.. رمضان ليس مجرد شهر يمر علينا كأي شهر آخر، بل هو فرصة ذهبية لإحداث تغيير حقيقي في حياتنا. هو وقت للتأمل والعودة إلى النفس، والفرصة التي منحت لنا لنكون أفضل في كل جانب من جوانب حياتنا. اجعلوا هذا الشهر محطة لتجديد الإيمان، وتعزيز الروابط الأسرية، والتواصل مع المجتمع. لا تدعوا الأيام تنقضي دون أن تتركوا أثرًا طيبًا في قلوب من حولكم وفي أنفسكم. كونوا على وعي تام بقيم رمضان، وعاشروه بالحب والنية الطيبة. فكل لحظة فيه هي فرصة تغيير للأفضل، فلا تضيعوها. وفقكم الله جميعًا لما يحب ويرضى، ويجعل رمضان هذا العام بداية لمرحلة جديدة في حياتكم.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا