عرب وعالم / السعودية / عكاظ

مع عيد الحب

الأستاذ نجيب يماني، أحد كتّاب الرأي البارزين في صحيفة «عكاظ»، تطرّق في مقال له عن الحب بعد مقدمة جميلة واستهلال بشعر غنائي بديع يداعب المشاعر، وموضوعية في طرحه الذي ختمه ببيت للشاعر الأمير المبدع بدر بن عبدالمحسن -رحمه الله- يقول فيه:

أبعتذر.. عن كل شي

... إلا الهوى

... ما للهوى عندي عذر

لقد أعاد مقال الأستاذ نجيب يماني إلى الأذهان الماضي القريب، حين كان بيع الزهور والورود الحمراء محرماً، مما دفع رجال الصحوة وبعض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى التهيؤ والاستعداد لمنع بيعه في محلات الورود، والقبض على من تسوّل له نفسه بيع هذه الوردة الحمراء «المحرّمة» و«المجرمة»، كي لا يتهادى بها المتحابون. فالحب في قاموسهم شيء خطير لا يجوز أن تفوح رائحته، وأمرٌ كريه لا يصح أن يطلع عليه النشء، وخطر جسيم يهدد مفاهيم غرسوها في المجتمع، وأحكاماً بثوها ونشروها تحرّم وتجرّم أي إشارة للحب والود والرضا. فالوردة الحمراء في نظرهم ناقوس خطر يدق ليهدم عرش الكراهية التي بشّروا بها مريديهم، من خلال «خصوصية» نادوا بها وطالبوا بالمحافظة عليها.

أخبار ذات صلة

 

وكيف استخدم بعض الخطباء المنابر التي يعتلونها للترويج للتكفير أو تبديع كل من يخالفهم، حتى في أبسط الأسباب كإهداء الورود الحمراء في مناسبة عيد الحب أو في أي مناسبة. هذا الفكر ما زال قائماً ومسيطراً على بعض أفكار أناس لا يريدون أن يعيشوا المستقبل، ولا يريدون أن تتحرك عجلة الزمن ولا الحياة، لأنهم لا يرون في الفن إبداعاً، ولا يجدون في البهجة والفرح مسرةً أو ترفيهاً. فهم من نفس المدرسة التي سبق أن حرّمت الرياضة على المرأة، وحاربت تعليمها، وحرصت على إبقائها سجينة وحبيسة في الدار.

هذه المدرسة الظلامية ما زال لها مناصرون ومريدون يستخدمون البكاء والصريخ، ويصفون أغلب الفنون بأنها تقشعر منها الأبدان وترتجف منها القلوب. انظر كيف يستخدم بعض هؤلاء وصف الله عز وجل لأهوال يوم القيامة لإنكار أمور حياتية بهذه الفظاعة! هذا التطرف ما زالت مجتمعاتنا الإسلامية تعاني منه، بالإضافة إلى العنصرية والكراهية، وكل ذلك نتاج هذه التشنجات التي لا نزال نجد صداها في بعض أحاديثهم، وكذلك في بعض المجالس والمدارس وقنوات التواصل الاجتماعي. فالبكاء والصراخ واستثارة الجمهور من الأدوات التي تجيد استخدامها هذه المدرسة الظلامية، والتي أثرت في وعي وإدراك الكثيرين. لذا، فإننا بحاجة ماسة إلى حملة تثقيفية ونقد لهذا الفكر حتى نتخلص منه في مجتمعاتنا الإسلامية.

إن إحلال خطاب المسؤولية والوعي بالواجبات والأخلاق الحميدة بدلاً من الخطاب الذي اعتمدته الجماعات الظلامية، سيجعل المجتمعات في مأمن من الظلامية التي تحرص على مصادرة الفكر. إن التوعية المجتمعية والنقد ومراجعة الوسائل التي يستخدمها الظلاميون، وإجراء الدراسات اللازمة كي لا نكرر الأخطاء، كل ذلك سيخرجنا من الدوامة التي نعاني فيها من تبعات هذا الفكر الذي عشعش واستقر في المجتمعات العربية والإسلامية، ودمر وجرّف جمالياتها.

ممارسة الحياة والفرح والحب والإقبال على الحياة يجب أن تكون في ظل أنظمة تحرّم وتجرّم كل من يهدد حق الإنسان والمجتمع في العيش بسلام وأمان، بعيداً عن خطابات الكراهية ومنابر الصياح والعويل وإثارة النعرات والكراهية والتجريم والظلام. وقد وعى الغرب ودول العالم المتقدم إلى أهمية سن القوانين والنظم لحماية حقوق الإنسان الأصيلة، بعيداً عن التبعية والمرجعية البشرية باسم الدين، وتحت غطاء محاربة الرذيلة التي في حقيقتها تهدف إلى السيطرة والنفوذ على حساب مصلحة الوطن والتنمية والاقتصاد. طال الزمن أم قصر، فلا مكان في هذا العالم إلا للبناء والتطوير، ومن لم يدرك ذلك فمصيره الطوى والنسيان، وستجتازه الأحداث. فالشعوب خُلقت للتعارف وليس للتنابذ والعنصرية والكراهية وادعاء الخصوصية. وبالله التوفيق.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا