متابعات- «الخليج»
طالما الطمع موجود..المحتال بخير، ربما تبدو جملة قاسية ولا تحمل أي تعاطف مع مئات ممن فقدوا أموالهم في تطبيقات الاحتيال الإلكتروني وآخرها منصة fbc.
ولكن اللافت في الأمر أن تلك المنصات مازالت واجهة ناجحة للاحتيال عبر خداع البسطاء والحالمين بالمكسب السريع.
منصة fbc ليست الأولى، هناك ملف ضخم من التاريخ الأسود والطويل لواجهات متعددة من الاحتيال الإلكتروني والذي وقع ضحيته الآلاف وربما الملايين.
إغراء جهنمي
الطريقة مجربة، ومباشرة ولا يوجد بها أي إبداع..تطبيق إلكتروني يتم إلقاؤه على متاجر جوجل وأبل بلاي، صفحة تواصل اجتماعي، إعلان مباشر عبر وكلاء محليين وعادة يستهدفون المناطق النائية والريفية والتي تعتمد على نقل الأخبار شفوياً بين الأهالي، يخبرهم الإعلان أنك لا تحتاج إلى أكثر من تنزيل التطبيق وتسجيل الدخول لتحصل على الأرباح.
وبمجرد تنزيله تجد رسالة تخبرك أنه عليك أن تضع مبلغاً من المال، لإثبات الجدية، حيث إن هذه الأموال هي الضمان لتلقي إشعارات مهام بسيطة، بين تسويق إلكتروني عبر مشاهدة فيديوهات لمنتجات ومشاركتها مع الأصدقاء، أو توقع نتيجة مباراة.
تتلقى مهمة أو اثنتين، لا تحتاج إلى مجهود، تنجزهم بسهولة، بدون خبرة عمل سابقة، أو تدريب أو حتى الحد الأدنى من التعليم، تستلم بعدها إشعاراً يخبرك: مبروك ربحت نقوداً فورية.
بالفعل تتلقى الأرباح في حسابك، ثم تستلم مهام أخرى بأرباح أعلى وعندما تبدأ في تنفيذها تستلم رسالة تخبرك أنه عليك زيادة مبلغ اشتراكك، نظراً لمضاعفة قيمة الأرباح.
حلم زيادة الأرباح لا يجعل هناك مكاناً للتفكير، لا يتردد المستخدم في زيادة قيمة اشتراكه، بل ويخبر المحيطين أيضاً بأن عليهم الاشتراك والمكسب مضمون، وتتوالى المهام والأرباح وتزيد أيضاً قيمة الاشتراكات وأعداد المستخدمين، وفي اللحظة المناسبة يتبخر كل شيء.
نسخ مكررة من fbc
في عام 2023 سقط آلاف المصريين ضحايا عملية نصب مبتكرة عبر تطبيق أطلق عليه اسم «هوغ بول».
و«هوغ بول» كان الأحدث وقتها في سلسلة تطبيقات انتشرت وأوقعت المصريين في شراكها بعد إيهامهم بتحقيق أرباح هائلة ومضاعفة أموالهم خلال أيام.
وخلال أشهر معدودة، نهب التطبيق الجديد 4 مليارات جنيه، وفق التصريحات الرسمية، 8 مليارات حسب الضحايا، لتتبخر أحلام الآلاف في الخروج من ضائقة مالية أو في الثراء السريع، ولم يبق لهم إلا الحسرة على أموالهم أو ممتلكاتهم التي باعوها أو الديون التي اقترضوها وصاروا عرضة للمطاردة والفضيحة والسجن.
القضية وصلت للبرلمان المصري وقتها، وتقدم نواب بطلب إحاطة عاجل إلى مجلس النواب يطالبون فيه بفتح تحقيق موسع في قضية النصب التي تعرض لها آلاف على يد «هوغ بول»، ولكن تبخرت الأموال وتبخر أيضاً الجناة.
هناك أيضاً منصة SGO.CC التي ظهرت في الهند وانتشرت في مصر العام الماضي وفكرتها تقوم على المراهنات العكسية لنتائج مباريات كرة القدم، بمعنى أن تتوقع النتيجة الخطأ.
الدخول لهذه المنصة كان بحاجة إلى وسيط، يبعث لك رسالة فيها كود، تدخل عليه للاشتراك، ثم تقوم بتسجيل الكود وإيداع مبلغ من الأموال للحصول على رابط المباراة التي سوف تتوقعها.
سجل على هذه المنصة التي سوقت لنفسها عالمياً بأنها تستثمر في الأنشطة الرياضية، آلاف المصريين الذين انخدعوا في الأرباح التي تصرف مقدماً، لذلك تحمسوا لزيادة إيداعاتهم للحصول على مباريات أكثر، وفجأة تبخرت المنصة، وتعطلت «لينكات» الدخول لحساباتهم وبالطبع فقدوا كل ودائعهم التي قدرت وقتها ب 5 مليارات جنيه مصري.
مسؤولية الحكومة
ربما تكون هذه أحد الأنشطة التي لا تستطيع أي مؤسسة السيطرة عليها، خاصة أن تلك المنصات لا تحصل على تراخيص لجمع الأموال، كما لم يتم تأسيسها بموجب موافقات أمنية أو من جهات الرقابة المالية.
وتعتمد تطبيقات الاحتيال الإلكتروني في عملها على آلية التسويق الشبكي، وهو الاعتماد على وكلاء محليين، يقومون بنشر الفكرة والتسويق لحلم الأرباح الكبيرة والسريعة بين البسطاء.
لذلك فإن إحكام القبضة عليها لابد وأن يتحقق من خلال الوعي العام بأنها منصات للاحتيال وسرقة المدخرات.
كما أن هذه المنصات عادة تستغل أسماء تطبيقات وشركات معروفة عالمياً، وهو الأمر الذي حدث مع منصة fbc وهو اسم شائع عالمياً لشركات تعمل في التسويق، بينما لم تكن هناك شراكة حقيقية مع الشركة الأم.
وتمكنت منصة fbc من خداع المئات عن طريق إقامة مآدب الطعام الشعبية، وحفلات جذب الجمهور في مناطق الأرياف والتي يذهب فيها المواطنون بأسرهم وهو ما يفسر العدد الكبير للمشتركين وأرقام المبالغ المالية التي تم نهبها.
وما زالت تتوالى البلاغات لمباحث الإنترنت حول التعرض للنصب من منصة fbc ويعتمد رجال الأمن على تتبع أرقام هواتف الوكلاء، في محاولة للإيقاع بهم في أقرب وقت.
قلق عالمي
نشرت مجلة cryptocrimes magazine تقريراً ترصد فيه نمو اقتصاد الاحتيال الإلكتروني ليصل إلى 10 تريليونات دولار بحلول 2026.
وقالت إن جرائم الاحتيال الإلكتروني أصبحت اقتصاداً قائماً بذاته قد يتفوق على اقتصاد الهند والصين.
وحللت المجلة في تقريرها نمو الاحتيال الإلكتروني بشكل لافت بدءاً من عام 2021 بأنه يعود للإغلاق الذي صاحب انتشار فيروس كوفيد 19.
وينضم نحو مليون شخص جديد إلى الإنترنت كل يوم، ومن المتوقع أن يتجاوز عدد مستخدمي الإنترنت 7.5 مليار في عام 2030، وجميعهم زبائن محتملون للاحتيال الإلكتروني.
ويقدر نمو تكاليف الجرائم الإلكترونية العالمية بنسبة 15% سنويًا، ليصل إلى 10.5 تريليون دولار سنويًا بنهاية العام الحالي.
وجاءت الولايات المتحدة والهند من أبرز الدول المتضررة والتي وقع المواطنون بها في فخ الاحتيال الرقمي.
وفي الوقت الذي يتم فيه كتابة هذا الموضوع ونشره، هناك آلاف «اللينكات» النشطة التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمنصات مشابهة تتخصص في خداع المستخدمين بوهم الربح السهل والسريع، وفي كل مرة يتم التأكيد بالعبارة الآتية: لسنا كالآخرين.. ثق بنا!
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.