د. عبدالعظيم حنفي*
استقبلت عديد من مراكز الدراسات في العديد من دول العالم بإيجاب وترحاب رسالة دولة الإمارات «بأن عالمنا اليوم في أمسّ الحاجة إلى نشر الأمل والتفاؤل والوحدة والسلام والتسامح، والتي تمثل قيم دولة الإمارات، من أجل غد ومستقبل أجمل تنعم به الأجيال المقبلة». مع اعتبار خيار دولة الإمارات في مرحلة ما بعد الجائحة هو «السلام والتعافي والازدهار» ضمن إطار نظام عالمي منفتح، قائم على قواعد القانون الدولي وشبكة متينة من العلاقات الدولية التي تدشن فيها دولة الإمارات مسارات جديدة للتعاون المشترك في مجالات الاقتصاد والتنمية المستدامة والتكنولوجيا المتقدمة والبحث العلمي. كما أعلنت الإمارات بأن دور الحكومة يتمثل في تصميم مستقبل يمنح المواطنين الأمل «ترحيب العالم بتلك الرسالة وانتشارها العالمي يرجع إلى أهمية الرسالة ومضمونها. وأهمية صاحب الرسالة حيث تؤمن الإمارات بأنه يتعين دوماً منح الشباب والناس في أرجاء المنطقة والعالم أهدافاً تبعث على الإلهام لوضعها نصب أعينهم. عند صياغة المستقبل. وهكذا كانت رسالة الإمارات للعالم دوماً هي التطلع نحو المستقبل. وهو ما طبقته الإمارات، على سبيل المثال نجحت دولة الإمارات في تقديم نموذج متميز من التخطيط والإعداد والتنظيم ل«إكسبو 2020 دبي» الحدث الأبرز عالمياً، وبمشاركة أكثر من 190 دولة و24 مليون زائر، تحت شعار «تواصل العقول وصنع المستقبل»، والذي يعكس قناعات الإمارات الراسخة بأن الابتكار والتقدم هما ثمرة لقاء الأفراد والأفكار بطرق جديدة وملهمة. وقد ركزت الإمارات في هذا الحدث العالمي على استكشاف الطريقة التي يمكن للعالم من خلالها العمل معاً لصياغة مستقبل أفضل يتّسم بالأمل. وكل من حضر ذلك الحدث العالمي تولّدت لديه مشاعر الدهشة حول تنوع الثقافات والابتكار والإبداع في العالم في الوقت الذي يسلط فيه الضوء على إنسانيتنا المشتركة».
وأقوى مؤشر على التزام الإمارات تجاه مستقبل شبابها والعالم ربما يتمثل في الإعلان الذي أصدرته دوله بتحقيق هدف صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050 – وبذلك تكون دولة الإمارات الأولى في المنطقة ومن بين دول منظمة «أوبك»-التي تتبنى هذا التوجه-. وهذا ليس هدفاً سهلاً بالنسبة لاقتصاد استفاد كثيراً من النفط، لكنَّه ينطلق من إحساس بالمسؤولية العالمية وثقة أساسية بأنه من خلال العمل الدؤوب واستخدام الخيال بإمكان الإمارات تولي القيادة في قطاعات اقتصادية جديدة. وانطلاقاً من هذا المنظور، استضافت الإمارات قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2023 والمعروف باسم «كوب 28»، وتجلى التوجه نحو المستقبل في مخرجات مؤتمر الأطراف cop 28 في دبي، حيث أنقذت الإمارات ذلك المؤتمر عبر مبادراتها، حيث نجحت في إبرام اتفاق تاريخي نص على التحول عن الوقود الأحفوري، وإقرار صندوق الخسائر والأضرار لتعويض الدول الأكثر تضرراً من آثار تغير المناخ، وبحلول آخر أيام المؤتمر بلغ حجم التعهدات للصندوق 792 مليون دولار، وتعهدت الولايات المتحدة ب 17.5 مليون دولار، واليابان ب10 ملايين دولار، وبريطانيا ب60 مليون جنيه إسترليني، أي ما يقرب من 76 مليون دولار، وألمانيا ب100 مليون دولار، والإمارات ب100 مليون دولار.
في إطار إدراك الإمارات بأنها مدينة لأحفادها بأن تترك الإمارات والعالم في حال جيدة كما فعل الأجداد. وقبل ذلك المؤتمر أعلنت الإمارات -خلال الطوارئ الصحية - بأن شعبها سيظل سالماً فقط عندما يكون الجميع سالماً أيضاً. وأدركت الإمارات أنه يمكن لدبلوماسيتها الصحية «المساعدة في منع حدوث جوائح مستقبلية، وضمان قدرتها في حال وقوعها على الرد بسرعة وبشكل تعاوني على مستوي المجتمع الدولي».
وأعلنت الإمارات بأنها لا تستطيع اعتبار ازدهارها الاقتصادي من المسلمات، وأن هناك حاجة إلى إيلاء هذه الأمر أولوية أكبر في سياستها الخارجية. وإنها تؤكد بشكل أكبر على دور الدبلوماسية الاقتصادية في جذب الاستثمار الخارجي إلى الدولة، وتسهيل الاستثمارات الإماراتية في الخارج، وفتح أسواق جديدة للتجارة أيضاً. وهذا كله يؤكد اتسام السياسة الخارجية لدولة الإمارات - التي وضع نهجها مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه - بالحكمة والاعتدال وارتكازها على قواعد استراتيجية ثابتة تتمثل في الحرص على الالتزام بميثاق الأمم المتحدة واحترامها المواثيق والقوانين الدولية.. إضافة إلى إقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين بجانب الجنوح إلى حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية، والوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام الفعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين. وحققت دبلوماسية دولة الإمارات انفتاحاً واسعاً على العالم الخارجي أثمر عن إقامة شراكات استراتيجية سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية وعلمية وتربوية وصحية مع العديد من الدول في مختلف قارات العالم، في ظل انتهاج الدولة استراتيجية «الكل رابح»، عبر دعم مصالحها توازياً مع مصالح دول العالم التي تتعاون معها، بما يعزز المكانة المرموقة التي تتبوأها الإمارات في المجتمع.
ويشهد الواقع بأن الإمارات حققت مكاسب لا حد لها من تبنيها نظاماً تجارياً مفتوحاً ومبادئ المساواة في السيادة والاستقلال السياسي والحل السلمي للنزاعات والمنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة. إن التعاون العالمي في قضايا تتراوح من تغير المناخ والاستقرار المالي إلى التنمية المستدامة وحقوق الإنسان، يعود بالفائدة على جميع البلدان والشعوب، لذا، من مصلحة الجميع الحفاظ على نظام قائم على القواعد – أي نظام عملي بما يكفي للتكيف مع واقع ديناميات القوة المعاصرة، ولكنه نظام يمكّن جميع البلدان من أن تكون آمنة ومستقلة ومزدهرة.
* أكاديمي مصري
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.