دبي: «الخليج»
أكد قادة دول وحكومات ومسؤولون وخبراء عالميون محورية الشراكات والتعاون الدولي القائم على تبادل الخبرات والمعارف وأفضل التجارب في الارتقاء بجودة حياة المجتمعات، وفي تمكينها من اللحاق بركب صناعة المستقبل العالمي.
جاء ذلك، في سلسلة جلسات حوارية وكلمات رئيسية شهدها منتدى تبادل الخبرات الحكومية، الذي تم تنظيمه ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات 2025، بمشاركة قادة دول وحكومات ومسؤولين حكوميين وخبراء عالميين لمناقشة أفضل الممارسات في الإدارة الحكومية، واستعراض تجارب رائدة تسهم في تطوير الأداء الحكومي وتحقيق كفاءة عالية في تقديم الخدمات.
وهدف المنتدى إلى مناقشة واستعراض حلول عملية لتعزيز كفاءة العمل الحكومي على المستوى العالمي، والتعريف بتجربة دولة الإمارات الريادية في دعم التعاون الدولي لتطوير العمل الحكومي، وتوسيع آفاق الشراكات الدولية من خلال تبادل المعرفة والخبرات بين الحكومات، بما يؤسس لخريطة طريق للحكومات لاعتماد ممارسات مبتكرة في الإدارة وتعزيز كفاءة الأداء الحكومي عالمياً.
منصة للتعاون والابتكار
وأكد مسواتي دلاميني الثالث ملك مملكة إسواتيني في كلمة رئيسية بافتتاح المنتدى أن القمة العالمية للحكومات تطورت لتصبح منصة بالغة الأهمية للتعاون والابتكار، حيث تجمع الحكومات والشركات والمنظمات الدولية للتأثير في مستقبل الحوكمة.
وقال: إن الاختيارات والقرارات التي نتخذها كحكومات اليوم ستحدد مصير أممنا وجودة حياة شعوبنا للأجيال القادمة، لذلك ليس على الحكومات أن تتكيف فحسب، بل يجب أن تقود بنظرة ثاقبة، ولا بد من تضمين الابتكار والتحول الرقمي والاستدامة في هياكل الحوكمة لدينا لضمان الشمول والمساواة والمرونة.
وأضاف ملك مملكة إسواتيني أنه يتعين على القادة أن يتحدوا في تعزيز العالم الذي نتصوره كما هو في أجندة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة 2030. وفي إفريقيا لدينا أيضاً رؤيتنا 2063، «إفريقيا التي نريدها»، والتي تدعونا إلى العمل ومعالجة التحديات الإفريقية والعالمية.
وأكد أن الاستقرار الاقتصادي هو الأساس لكل حكومة، ولفت إلى أن جائحة كوفيد-19 كشفت عن نقاط ضعف في أنظمتنا الصحية وأكدت أهمية التعاون العالمي، وأنه مع تقدم الحضارة البشرية يجب إعطاء الأولوية للمساواة في الرعاية الصحية والاستثمار في الأنظمة المرنة.
وقال الملك مسواتي دلاميني الثالث: إن نموذج الحكم في إسواتيني يعد شهادة على قوة التوفيق بين التقاليد والحداثة. ويعتمد على مبادئ الشمولية والتشاور والتنمية المجتمعية التي تضمن بقاء الحكم متجذراً بعمق في احتياجات شعبنا، مشيراً إلى تبني بلاده إصلاحات تدفع إلى الشفافية والكفاءة وإشراك المجتمع.
وقال: إن المجتمع المرن يقوم على أفراده وقدراتهم، وإن مستقبل الحوكمة يجب أن يعطي الأولوية للاستثمار في التعليم وتنمية المهارات والبنية الأساسية الاجتماعية التي تمكن الأفراد من النجاح في عالم سريع التغير.
وأضاف ملك إسواتيني أن بلاده ملتزمة ببناء حكومة ذكية فعّالة ومرتكزة على المواطن وتعتمد على التكنولوجيا، وأن رؤيتها تتمثل في الاستفادة من التقنيات الرقمية لتحسين تقديم الخدمات والقضاء على أوجه القصور وضمان حصول جميع المواطنين على الخدمات الأساسية، وأهمية توافق الحكومات على آليات لتحقيق الأهداف التنموية وصناعة المستقبل، تتضمن تبادل الخبرات والنجاحات والدروس لتحسين نماذج الحوكمة.
حكومات مبتكرة لمستقبل مستدام ومرن
من جهتها، أكدت جيليكا تسفيانوفيتش رئيسة مجلس رئاسة جمهورية البوسنة والهرسك في كلمة بعنوان حكومات مبتكرة لمستقبل مستدام ومرن، أهمية الحوكمة المسؤولة والفعالة والمبتكرة لما تمثله من شرط أساسي للحفاظ على الاستقرار وضمان النمو والتنمية المستدامين والتقدم المجتمعي الشامل، مشيرة إلى أن الدول والمجتمعات حول العالم تواجه تحديات كبرى تفرضها التحولات المتسارعة في مختلف المجالات.
وقالت: إن مرونة أي مجتمع تعتمد على قوة مؤسساته، التي يجب أن تكون قادرة على الاستجابة بفعالية للاحتياجات المتزايد، وإنه في عصر الثورة الرقمية، التي أعادت تشكيل الطريقة التي نعيش بها ونتواصل بها وندير بها أعمالنا، لا يمكن أن تكون الحوكمة فعالة دون تبني التقنيات الحديثة.
وأضافت أن التطورات التكنولوجية تضع معايير جديدة للإدارة، وتوفر فرصاً لمزيد من المرونة والشفافية، وأن الأدوات الرقمية أصبحت ركائز لا غنى عنها لكل إدارة حديثة، مشيرة إلى أن الدول التي تدرك قيمة الابتكار التكنولوجي في الحوكمة قطعت خطوات ملحوظة في تحسين جودة الخدمات، ولافتة إلى أن من الأمثلة الرائعة على هذا التقدم دولة الإمارات التي حققت مبادراتها في مجال الكفاءة الإدارية والتحول الرقمي نتائج مبهرة.
وأشارت إلى أن بناء اقتصاد تنافسي يتطلب تعزيز مبادرات التحول الرقمي في الحوكمة والصناعة، وتوسيع الاستثمارات الاستراتيجية في التعليم والبحث العلمي، وقالت: إن المحركين الرئيسيين للتحول الرقمي في مجتمعنا هم الشباب، الذين يدمجون بنجاح الأدوات الرقمية المتقدمة في تعليمهم ومساعيهم المهنية، مواكبين بذلك أقرانهم في أكثر بلدان العالم تقدماً، ويتعين علينا أن نولي اهتماماً أكبر لتمكين الشباب من خلال تمكينهم من تطبيق معارفهم ومهاراتهم التكنولوجية لتحقيق التقدم لمجتمعنا.
وأضافت، قائلاً: «إن العالم الذي نعيش فيه أصبح مترابطاً بشكل متزايد، والتحديات التي نواجهها اليوم تتجاوز الحدود الوطنية، وإنني أعتقد اعتقاداً راسخاً أن المستقبل ينتمي إلى أولئك الذين هم على استعداد لبناء جسور التعاون الهادف والحوار البناء والتفاهم المتبادل والشراكة الحقيقية القائمة على مبادئ المساواة».
القيادة والازدهار الوطني
وأشاد أندريه راجولينا رئيس جمهورية مدغشقر في كلمة بعنوان القيادة والازدهار الوطني، برؤى قيادة دولة الإمارات وتبني صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جمع قادة العالم ورؤساء الدول وصناع السياسات وقادة الأعمال من أجل التفكير المشترك في سبل ضمان الرخاء العالمي.
وقال رئيس مدغشقر: إن القيادة القوية والرؤيوية والعملية هي المفتاح لتحويل رؤانا إلى أفعال.
وأضاف، يتعين على القائد الحقيقي أن يفهم ويتقن نقاط القوة والفرص والتحديات والصعوبات التي تواجه بلده، وانطلاقاً من هذا الاعتقاد، بدأنا التحول الزراعي في مدغشقر، أؤمن بأن الأب الصالح هو الذي يستطيع إطعام أسرته، والرئيس الصالح هو الذي يستطيع إطعام شعبه، ومن هذا المنطلق، وضعت على عاتقي تحدي جعل مدغشقر مخزناً للأرز في القارة الإفريقية.
وأشار إلى تحدٍ رئيسي آخر يتمثل في الطاقة، التي تمثل المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتي يجب تسريع التحول فيها، لأنه لا توجد تنمية بدون طاقة، مؤكداً عزم مدغشقر على تحقيق أهداف طموحة من خلال الاستثمار الضخم في الطاقة المتجددة والتحول في مجال الطاقة.
وتناول رئيس مدغشقر ما تتمتع به بلاده من موارد طبيعية وتنوع بيولوجي، وموارد بشرية شابة مرنة وموهوبة ومدفوعة بتصميم على بناء مستقبل أفضل، مؤكداً أن دور القائد على وجه التحديد تسخير هذه الإمكانات، وإلهام وتعبئة كل مواطن لتحويل تحدياتنا إلى فرص، ومشدداً على أن دولة الإمارات تجسد نموذجاً للتنمية الاقتصادية العالمية، وقصة نجاح نموذجية ومصدر إلهام عالمي، لأن تحويل الصحراء إلى عاصمة اقتصادية عالمية في غضون بضعة عقود فقط يثبت أنه من خلال القيادة الفذة وقوة العمل الجاد، يمكننا تحويل الأحلام إلى حقيقة، ومشيراً إلى أن القيادة، عندما تمارس برؤية وتصميم، تشكل رافعة أساسية للتحول.
تعزيز الحوار المفتوح وبناء نموذج شراكة عالمية
وفي كلمة رئيسية ضمن أعمال المنتدى، أكد جاليمزان كويشيباييف نائب رئيس وزراء كازاخستان، أهمية القمة العالمية للحكومات ودورها في توفير مصدر فريد للحلول المشتركة للتحديات العالمية، وتشكيل رؤية مشتركة من خلال استشراف الاتجاهات الناشئة ودمجها في التخطيط الاستراتيجي وصنع السياسات، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تمثل نموذجاً يحتذى به في كفاءة الحكومة وقدرتها على التكيف والابتكار.
وقال كويشيباييف: إن حكومة كازاخستان تلتزم بتعزيز الحوار المفتوح وبناء نموذج شراكة عالمية قائم على الثقة المتبادلة والتفاهم، وإن رؤيتها بشأن دور الحوكمة الفعالة في تعزيز المرونة ودفع التقدم وضمان النمو المستدام، ترتكز على أن التحول الرقمي يعد أمراً بالغ الأهمية لكفاءة الحكومة.
وأضاف: «إننا نشهد ثورة تغير قواعد اللعبة في الابتكار، من تطوير البرمجيات من الجيل التالي وتقنيات الواقع الغامر إلى الحوسبة الكمومية والروبوتات والهندسة الحيوية، ومن المتوقع أن تولد هذه التطورات ما بين 29 و48 تريليون دولار من الإيرادات بحلول عام 2040، ما يزيد حصتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 4% إلى 10-16%، وإدراكاً لهذه الإمكانات، فقد تبنينا التقنيات الرقمية لتعزيز الإدارة العامة».
وأكد كويشيباييف أن التطور السريع للذكاء الاصطناعي يفرض تحديات، بما في ذلك التهديدات السيبرانية، وخصوصية البيانات، ومخاطر إساءة الاستخدام في الحروب أو حروب المعلومات، داعياً الدول المتقدمة تكنولوجياً إلى التعاون في تطوير معايير أخلاقية مشتركة لحكم الذكاء الاصطناعي بحيادية وسلام.
وقال: إن التعاون يشكل أهمية أساسية لمستقبل مزدهر، ويتعين على الدول المرنة أن تعمل معاً لمعالجة التحديات المشتركة، وإن كازاخستان، باعتبارها جسراً بين أوروبا وآسيا، ملتزمة بتعزيز الشراكات الإقليمية والعالمية في مجال العمل المناخي، والتنويع الاقتصادي، وتبادل المعرفة.
التحديات العالمية والفرص الواعدة
وتحدث مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، في جلسة بعنوان التحديات العالمية والفرص الواعدة، حاوره فيها عبد الله ناصر لوتاه مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي في دولة الإمارات.
وأكد بارزاني أن النجاح في إدارة إقليم كردستان العراق وسط مشهد معقد، في عصر التحديات والتغيرات الجيوسياسية، قد تحقق «بفضل التأكد من حل المشكلات، والتعلم من الأخطاء، وتحويل المخاطر إلى فرص، والحفاظ على الأمن، ما كان له دور في نمو الأعمال، وجلب الشركات من جميع أنحاء العالم إلى الإقليم».
وشدد رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، على أهمية التركيز على جيل الشباب في بناء المستقبل، من خلال الاهتمام بالتعليم، وتوفير برامج الدعم في جميع المجالات.
رسالة إماراتية
وأكد عبد الله لوتاه أن منتدى تبادل الخبرات الحكومية يجسد رسالة حكومة دولة الإمارات والقمة العالمية للحكومات، بتمكين وتعزيز أطر التعاون الدولي والشراكات البناءة الهادفة للارتقاء بالمعرفة الحكومية، والتعاون في تطوير وتحديث تجارب العمل الحكومي، بما يمكن المجتمعات وينعكس إيجاباً على جودة حياتها. وقال: إن حكومة دولة الإمارات رسخت تجربة متميزة في بناء صيغة تعاون دولي إيجابي محوره تعزيز الاستفادة من التجارب الناجحة وجمع الحكومات والمنظمات عبر منصة موحدة لكل المعنيين بتطوير الإدارة الحكومية، والمهتمين بصناعة المستقبل.
يذكر أن القمة العالمية للحكومات 2025، التي تنظم في الفترة من 11 إلى 13 فبراير الحالي، تشكل منصة جامعة للقيادات والخبراء ومستشرفي المستقبل حول العالم، وتوفر من خلال 21 منتدى متخصصاً في القطاعات الأكثر ارتباطاً بحياة ومستقبل المجتمعات، مساحات مفتوحة للحوار والتفاعل والتعاون الدولي البناء الهادف لتشكيل معالم مستقبل مستدام ومزدهر للأجيال القادمة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.