عرب وعالم / الامارات / صحيفة الخليج

تعانق الفضاء بمشاريع وطنية وعقول فذة

إعداد: يمامة بدوان

يمثل قطاع الفضاء الوطني رؤية دولة للمستقبل، الذي ستكون فيه المعرفة أساس الاستثمار في بناء القدرات البشرية، وبناء اقتصاد معرفي مستدام، وتعزيز المسيرة التنموية في الدولة، والتصدي للتحديات، بإيجاد حلول مبتكرة، واستكشاف فرص للغد، وتطوير قطاعات جديدة لرفد الثروة الوطنية، حيث نجحت الإمارات في معانقة الفضاء بمشاريع وطنية وعقول أبنائها الفذّة، ما جعلها تعزز مكانتها عربياً ودولياً في فترة وجيزة. وشهد قطاع الفضاء الإماراتي نقلة نوعية شاملة ونمواً متسارعاً في وقت قياسي، ما جعل الإمارات تقدم نموذجاً متفرداً في التطوير واستدامة النجاح، حيث بلغت استثمارات الدولة في قطاع الفضاء 40 مليار درهم، خلال السنوات الماضية، وارتفعت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير لمشاريع استكشاف الفضاء بنسبة 14.8% مقارنة بعام . وبلغت النسبة السنوية لنمو عدد الشركات العاملة في هذا المجال في الدولة 29%. فيما بلغت نسبة تمويل واستثمارات القطاع الخاص في الفضاء 44.3% ما يشير إلى تنامي دور القطاع الخاص في قطاع الفضاء.
إنجاز تاريخي
سجلت دولة الإمارات إنجازاً تاريخياً في 14 يناير 2025، وتحديداً في تمام الساعة 11:08 مساء بتوقيت الإمارات، مع إطلاق القمر الصناعي الأكثر تطوراً في المنطقة «محمد بن زايد سات» من قاعدة فاندنبرغ بولاية كاليفورنيا الأمريكية، على ارتفاع يراوح بين 500-550 كلم، أعقب ذلك بساعات استقبال أول إشارة من القمر في مركز التحكم الفضائي بمنطقة الخوانيج في دبي.
في 28 أكتوبر 2020، أعلن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مشروع القمر «محمد بن زايد سات»، ثاني قمر صناعي إماراتي يبنيه ويطوره بالكامل فريق من المهندسين الإماراتيين، ويحمل الأحرف الأولى من اسم صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، حيث جرى تطويره بالكامل على أرض الدولة، وبعقول وطنية 100%.
وتعدّ الكاميرا في القمر الصناعي، المتوقع أن يصل عُمره الافتراضي في رصد كوكب الأرض إلى 8 سنوات، هي الحمولة الأساسية بالمهمة، وهي تمتاز بدقة تصوير عالية، تفوق الضعف من الإمكانيات الحالية، كما تتنوع طرائق الاستفادة من الصور والبيانات التي يوفرها المركز بين استخدامها في التخطيط العمراني المستدام، ومراقبة التغيرات البيئية، إلى جانب توقع الظواهر الجوية الطبيعية ومراقبة جودة المياه، ودعم جهودها المبذولة للتصدي للأزمات وإدارة الكوارث العالمية، وتشمل تقييم الأضرار الناجمة عن الكوارث، كذلك مساعدة المنظمات في إيجاد الحلول الكفيلة بالتخفيف من آثار الفيضانات والزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية، وإعادة الإعمار.

«طموح زايد 2»
شكّلت أطول مهمة للرواد العرب في الفضاء، «طموح زايد 2»، التي استمرت ل 186 يوماً، إنجازا وطنياً جديداً، حيث أمضى سلطان النيادي، دولة لشؤون الشباب، نحو 50 ألف ساعة في الفضاء ضمن بعثة طاقم «كرو 6»، والتي انطلقت للمحطة الدولية في 2 مارس 2023، وحتى 4 سبتمبر من العام ذاته، أجرى خلالها 200 تجربة علمية، بالتعاون مع وكالات فضاء عالمية وجامعات إماراتية، وشملت التجارب مجالات متنوعة، مثل زراعة النباتات، والعلوم الإنسانية، وتقنيات استكشاف الفضاء، وسلوكات السوائل، وعلم المواد، وإنتاج البلورات، وغيرها من التجارب العلمية التي تفيد المجتمع العلمي العالمي والباحثين والطلبة في الدولة والعالم، كما نجح في تحقيق عدد من الإنجازات المهمة، أبرزها خوضه أول مهمة سير في تاريخ العرب، استمرت 7 ساعات ودقيقة واحدة، ما جعل الإمارات الدولة العاشرة عالمياً التي تنفّذ مهمة السير خارج المحطة الدولية.

المحطة القمرية

يستعد العالم لاستكشاف القطب الجنوبي للقمر، عبر «بوابة الإمارات»، التي ستكون طريق الرواد والعلماء في استكشاف الفضاء السحيق، المقرر إطلاقها عام 2030، بالتزامن مع المرحلة الرابعة من مهمة «أرتميس»، حيث سيعمل مركز محمد بن راشد للفضاء على توفير طاقم البوابة القمرية وغرفة معادلة الضغط العلمية التي ستسمح بنقل الطاقم والعلوم من وإلى الفضاء.

ومع بداية عام 2024، أعلنت دولة الإمارات انضمامها إلى مشروع تطوير وإنشاء محطة الفضاء القمرية، بجانب الولايات المتحدة واليابان وكندا والاتحاد الأوروبي، ما يجسد مدى حرص القيادة الرشيدة على تطوير آليات التعاون الدولي في الفضاء، بما يخدم البشرية ويعود بالنفع والتقدم والازدهار، كما يبرز حجم الثقة بالكوادر الوطنية، وقدرتها على أداء أدوار مؤثرة في أصعب المشروعات العلمية ذات الطابع العالمي وأدقها، حيث ستشهد عملية تطوير وحدة معادلة الضغط، المتوقع إطلاقها عام 2030,5 مراحل مختلفة، هي التخطيط، التصميم، التأهيل، الإطلاق، والتشغيل.

وستحصل دولة الإمارات على مقعد دائم، وإسهامات علمية في أكبر برنامج لاستكشاف القمر والفضاء، وستكون بين أوائل الدول التي ترسل رائد فضاء إلى القمر. كما سيكون للدولة الأولوية في الحصول على البيانات العلمية والهندسية المقدمة، التي ستحصل عليها المحطة، ما يعزز مسيرتها المعرفية. كما سيتولى مركز محمد بن راشد للفضاء مسؤولية تشغيل «بوابة الإمارات» وإدارتها لمدة تصل إلى 15 عاماً قابلة للتمديد، وتتمثل استخدامات البوابة في إجراء مهمات السير في الفضاء من المحطة القمرية، وإجراء الأبحاث العلمية ونقلها إلى الفضاء، كذلك تعدّ منفذاً لالتحام المركبات بالمحطة، كما يمكن للرواد العيش فيها لمدة 90 يوماً.

الكويكب «جوستيشيا»
تستعد دولة الإمارات لاستكشاف الكويكب «جوستيشيا» ضمن مهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات، حيث شهد سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس الأعلى للفضاء، في 9 يناير 2025، توقيع اتفاقية تطوير مركبة الهبوط للمهمة.
وتتماشى هذه الاتفاقية مع استراتيجية وكالة الإمارات للفضاء، لتمكين الشركات الخاصة والناشئة وفتح آفاق اقتصادية واسعة، بخلق مجالات جديدة للشركات الإماراتية والدولية العاملة في الدولة، وذلك ضمن خطتها لتخصيص 50% من مهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات لمصلحة شركات القطاع الخاص.وسيتولى معهد الابتكار التكنولوجي TII الإشراف على مراحل تصميم وتطوير واختبار مركبة الهبوط، مع توزيع المهام على الشركات الناشئة المشاركة، وفقاً للأهداف الاستراتيجية للمشروع، وستطوّر المركبة داخل دولة الإمارات بمساهمة مؤسسات أكاديمية، وعدد من الشركات الناشئة في القطاع الخاص.
وسبق ذلك في 9 أكتوبر 2024، توقيع اتفاقية مع شركة «ميتسوبيشي» للصناعات الثقيلة، لتوفير خدمات إطلاق المركبة، باستخدام الصاروخ الحامل H3 عام 2028، وستحمل «المستكشف محمد بن راشد»، مجموعة من الأجهزة العلمية المتطورة التي ستعمل معاً لتحقيق الأهداف العلمية للمهمة التي تتمحور حول معرفة أصول وتطور الكويكبات الغنية بالمياه وتقدير إمكانية استخدام تلك الكويكبات كموارد لمهمات استكشاف الفضاء في المستقبل. وتمتد مهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات، على مدار 13 عاماً، تنقسم إلى 6 سنوات لتصميم وتطوير المركبة الفضائية، و7 لاستكشاف حزام الكويكبات الرئيسي بين المريخ والمشتري، قاطعة مسافة 5 مليارات كلم، في رحلة مدارية مكونة من 6 تحليقات وصولاً إلى الكويكب السابع «جوستيشيا»، تتضمن 3 مناورات بمساعدة قوة الجاذبية لكوكب الزهرة والأرض والمريخ لزيادة سرعة المركبة الفضائية، ودعم سلسلة من التحليقات القريبة التي تبدأ في فبراير 2030 عند كويكبات ويستروالد وكميرا وروكوكس وتستمر حتى عام 2034، وتنتهي بإنزال مركبة هبوط على الكويكب السابع جوستيشيا.
بداية

يعود استكشاف الفضاء إلى سبعينات القرن الماضي، عندما التقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فريقاً من وكالة «ناسا»، يضم 3 رواد فضاء ومعهم الدكتور فاروق الباز، المسؤول عن رحلة أبولو إلى القمر، ما أدى إلى ولادة قطاع وطني للفضاء مع تأسيس شركة الثريا للاتصالات في إبريل 1997 ومؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة «اياست» في فبراير عام 2006، وشركة الياه للاتصالات الفضائية «ياه سات» عام 2007، ووكالة الإمارات للفضاء عام 2014، ومركز محمد بن راشد للفضاء عام 2015، بهدف التركيز على نقل المعرفة، وإعداد الفرق الأولى من الخبراء والمهندسين الإماراتيين المتخصصين في العلوم المتقدمة والتكنولوجيا وعلوم الفضاء وإطلاق المشاريع العلمية للدولة.

برنامج مستدام

يشكل برنامج الإمارات لروّاد الفضاء، الذي أطلق عام 2017، برنامجاً مستداماً، ويهدف إلى تطوير فريق وطني من روّاد الفضاء لتحقيق تطلعات الدولة في الاستكشافات العلمية، والمشاركة في مهمات الاستكشاف المأهولة، والإسهام في بعثات استكشاف الفضاء العالمية، حيث يشكل فريق الرواد المكون من 4 من رواد إماراتيين: هزاع المنصوري، وسلطان النيادي، ونورا المطروشي، ومحمد الملا.
تصميم وبناء
يعود اهتمام الإمارات باستكشاف القمر والهبوط على سطحه إلى سبتمبر 2020، حينما أعلنت أول مهمة علمية لاستكشاف القمر، عبر تطوير وإطلاق أول مستكشف إماراتي للقمر تحت اسم «راشد» الذي نجح في إبريل 2023 بالوصول إلى مدار القمر والاقتراب من الهبوط على سطحه، قبل فقدان الاتصال بمركبة الهبوط.
وكعادة الإمارات في عدم الاستسلام والإصرار على التحدي، أعلنت الدولة مهمة جديدة لمركز محمد بن راشد للفضاء لاستكشاف القمر تحت اسم «راشد2»، بناء على النجاح الذي تمثَّل في تصميم وبناء «المستكشف راشد 1»، الذي بات أول مستكشف إماراتي وعربي يبلغ مدار القمر، الذي نجح في إبريل 2023 بالوصول إلى مدار القمر والاقتراب من الهبوط على سطحه، قبل فقدان الاتصال بمركبة الهبوط.
ونجح مشروع الإمارات في استكشاف المريخ «مسبار الأمل» في توفير 5.4 تيرابايت، وتجاوز إصدار نحو مليون ملف، مع إعلانه توفير الحزمة ال 12 من البيانات العلمية للغلاف الجوي للكوكب الأحمر.
وكان مسبار الأمل نجح في الوصول إلى مدار المريخ في التاسع من فبراير 2021، لتعلن الإمارات أن «المهمة تمت»، لتتمكن الدولة من حفر اسمها في سجل الإنجازات التاريخية خامس دولة في العالم تصل إلى الكوكب الأحمر، الذي جاء تتويجاً لسنوات من الجهود المتواصلة في بناء قطاع فضائي متطور ونقل المعرفة إلى الكوادر الإماراتية، وتهيئة التشريعية والتنظيمية والاستثمارية اللازمة لضمان النمو المستدام لهذا القطاع الواعد.
قانون اتحادي
أطلقت دولة الإمارات في مارس 2019، الاستراتيجية الوطنية للفضاء 2030، بهدف تشكيل شراكات واستثمارات محلية وعالمية فاعلة في صناعة الفضاء، وتعزيز القدرات المحلية المتقدمة في البحث والتطوير والتصنيع لتكنولوجيا الفضاء. كما أصدرت وكالة الإمارات للفضاء عام 2019 القانون الاتحادي بتنظيم قطاع الفضاء، الذي يوضح القواعد والأحكام العامة لتنظيم الأنشطة الفضائية، وبما يتوافق مع السياسات الوطنية والقوانين الدولية التي تعد الدولة طرفاً فيها.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا