05 فبراير 2025, 4:55 مساءً
في مشهد سياسي غير مألوف في واشنطن، أصبح الملياردير إيلون ماسك لاعبًا رئيسيًا داخل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بعد أن قدّم دعمًا ماليًا هائلًا لحملته الانتخابية، بلغ أكثر من 250 مليون دولار. وهذا الدعم لم يكن مجرد استثمار سياسي، بل جاء مع مطالب واضحة بتمكين ماسك ورجاله من أدوار مؤثرة في صنع القرار الفيدرالي، في خطوة تهدد بتغيير موازين القوة داخل المؤسسات الحكومية.
معارضة شديدة
وإحدى أبرز نتائج هذا التحالف كانت إنشاء مكتب جديد يُعرف باسم "إدارة كفاءة الحكومة"، الذي تم تكليف ماسك بالإشراف عليه مباشرةً. وفقًا للخطاب الرسمي، يهدف المكتب إلى "القضاء على البيروقراطية وتحسين الأداء الحكومي"، إلا أن مصادر متعددة داخل المؤسسات الفيدرالية أكدت أن الهدف الحقيقي هو منح ماسك نفوذًا واسعًا على مفاصل الدولة، مما أثار قلق المسؤولين والمشرعين على حدٍ سواء.
يبدو أن رؤية ماسك لهذه الإدارة تتجاوز مجرد تحسين الكفاءة، حيث يسعى إلى تطبيق فلسفة "الإدارة المرنة" التي تعتمد على التخلص من القيود التقليدية في العمل الحكومي، وإدخال أساليب عمل جديدة مستوحاة من عالم التكنولوجيا. لكن هذه التغييرات لم تكن محل ترحيب داخل المؤسسات الفيدرالية، بل قوبلت بمعارضة شديدة من المسؤولين الذين رأوا فيها تهديدًا للاستقرار الوظيفي والقواعد المؤسسية التي تحكم العمل الحكومي، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
تضييق الخناق
ومنذ الإعلان عن دوره الجديد، بدأ ماسك بإعادة هيكلة واسعة داخل الإدارة الأمريكية، شملت تغييرات جذرية في مواقع المسؤولية العليا. فقد تم تسريح أو نقل عدد كبير من كبار الموظفين الذين لم يبدوا حماسة لمشروعاته، بينما أُجبر آخرون على التكيف مع نهجه الجديد الذي يركز على تقليل القيود التنظيمية وتوسيع صلاحيات القطاع الخاص داخل الحكومة.
كما صدرت تعليمات جديدة لموظفي الحكومة، تحثهم على التعاون الكامل مع فريق ماسك أو مواجهة العواقب، في مؤشر واضح على أن التغييرات لن تكون سطحية، بل ستصل إلى جوهر طريقة إدارة الدولة.
السيطرة على التكنولوجيا
ومن بين الخطوات الأكثر إثارة للجدل، محاولة ماسك بسط سيطرته على البنية التحتية التكنولوجية للحكومة الفيدرالية. فقد ضغط فريقه للوصول إلى بيانات الأنظمة الحكومية، بحجة تحسين الأداء الأمني والتشغيلي، لكن خبراء الأمن السيبراني في الحكومة اعتبروا هذه الخطوة تهديدًا مباشرًا للسيادة الرقمية للدولة.
وتزايدت المخاوف من أن يؤدي هذا النفوذ إلى توجيه قرارات التكنولوجيا الحكومية لصالح شركات ماسك، مثل "سبيس إكس" و"ستارلينك"، مما قد يمنحها عقودًا حكومية حصرية على حساب المنافسين الآخرين.
تفكيك المؤسسات
ولم تتوقف الإصلاحات عند هذا الحد، إذ طرح ماسك وترامب خططًا جذرية لتقليص حجم بعض المؤسسات الفيدرالية أو حتى إلغائها بالكامل. على رأس القائمة، جاءت وكالة التنمية الدولية، التي تعدّ ركيزة أساسية للنفوذ الأمريكي في الخارج من خلال المساعدات الإنسانية والمشاريع التنموية.
ويرى فريق ترامب أن الوكالة تستهلك ميزانية ضخمة دون عائد مباشر على الاقتصاد الأمريكي، بينما يعتبرها ماسك عقبة بيروقراطية يجب تفكيكها لصالح نموذج جديد يعتمد على الاستثمارات الخاصة في المشاريع الدولية.
اضطرابات داخلية
وأدى هذا التحالف الجديد إلى موجة غير مسبوقة من الاضطرابات داخل الإدارة الأمريكية، حيث استقال عدد كبير من المسؤولين احتجاجًا على التدخل المتزايد لرجال الأعمال في عملية صنع القرار الحكومي. أحد كبار الموظفين الذين غادروا منصبهم مؤخرًا صرح قائلاً: "ما نراه الآن ليس مجرد تغييرات إدارية، بل إعادة تشكيل جذرية للدولة الأمريكية وفقًا لرؤية ملياردير تكنولوجي، وليس وفقًا لمصالح الشعب."
ويثير هذا النفوذ غير المسبوق لماسك تساؤلات جوهرية حول مستقبل الحكم في الولايات المتحدة، وما إذا كانت البلاد تتجه نحو نموذج جديد تتحكم فيه النخب الاقتصادية بشكل مباشر في القرارات السياسية.
في ظل استمرار هذا التوسع في سلطاته، تبقى الأسئلة الكبرى قائمة: هل سيؤدي هذا النفوذ إلى تحديث فعلي للحكومة الفيدرالية، أم أن الولايات المتحدة تشهد بداية حقبة جديدة يتحكم فيها رجال الأعمال في مستقبلها السياسي؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.