مع مرور عام على إطلاق برنامج “دعم السكن المباشر” في المغرب، كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة عن إقبال كبير على المبادرة، حيث تجاوز عدد طلبات الاستفادة 114 ألف طلب، بينما بلغ عدد المستفيدين الفعليين أكثر من 36 ألف شخص، منهم 25% من المغاربة المقيمين بالخارج و32% من فئة الشباب.
ورغم هذه الأرقام الإيجابية، لا تزال وتيرة الإنتاج العقاري أقل من مستوى الطلب المتزايد، مما يطرح تساؤلات حول قدرة السوق على الاستجابة الفعالة لاحتياجات المواطنين، خاصة في ظل القيود المفروضة على المنعشين العقاريين وصعوبات الولوج إلى السكن.
دعم السكن المباشر.. تحديات هيكلية
يواجه القطاع العقاري عدة عوائق تؤثر على سرعة تنفيذ المشاريع السكنية، أبرزها:
ظاهرة البيع بـ”النوار”، والتي تؤثر على شفافية السوق وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
التعقيدات الإدارية، خصوصًا في ما يتعلق بالحصول على رخص البناء، مما يؤدي إلى تأخير تنفيذ المشاريع.
ندرة الوعاء العقاري في المدن الكبرى، ما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الأراضي وبالتالي ارتفاع أسعار السكن.
تراكم المخزون غير المباع من مشاريع السكن الاقتصادي، ما يطرح تساؤلات حول مدى توافقها مع متطلبات المواطنين.
وفي هذا السياق، أوضح مصطفى ملاحي، مستشار عقاري، أن القطاع يحتاج إلى إصلاحات جذرية تشمل تبسيط الإجراءات الإدارية، تعزيز الشفافية في المعاملات العقارية، وتوفير أراضٍ بأسعار معقولة لدعم الاستثمار في المجال السكني.
دعم السكن المباشر.. إكراهات التمويل
إضافة إلى العوامل السابقة، يعاني قطاع الإنعاش العقاري من صعوبات تمويلية، حيث أصبح الحصول على القروض البنكية أكثر تعقيدًا بسبب ارتفاع نسبة القروض غير المسددة منذ جائحة كورونا، مما دفع المؤسسات المالية إلى تشديد شروط الإقراض وزيادة الضمانات المطلوبة.
كما أن ارتفاع أسعار مواد البناء مثل الحديد والإسمنت والخشب زاد من تكلفة المشاريع السكنية، ما انعكس بشكل مباشر على أسعار البيع، في ظل تراجع القدرة الشرائية للأسر بسبب التضخم.
من جانبه، أكد نبيل فشتالي، إطار بنكي متخصص في المخاطر الائتمانية، أن ارتفاع تكاليف الإنتاج العقاري، إلى جانب الضرائب الجديدة المفروضة على القطاع، مثل الرسوم على رخص السكن وإزالة مخلفات البناء، زاد من الأعباء المالية على المنعشين العقاريين وقلل من جاذبية الاستثمار في المجال.
هل تنجح الدولة في إنعاش القطاع العقاري؟
رغم التحديات، هناك مؤشرات إيجابية مثل ارتفاع مبيعات الإسمنت بنسبة 9.45%، ونمو حجم القروض العقارية بنسبة 1.7%، ما يعكس استمرار الطلب على السكن. ومع ذلك، فإن النجاح الفعلي لبرنامج “دعم السكن المباشر” يظل رهينًا بقدرة الحكومة على إصلاح المساطر الإدارية، مكافحة المعاملات غير القانونية، وتقديم حلول مبتكرة عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص.
في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الدولة من تجاوز العقبات الراهنة وضمان سكن ميسر يتماشى مع احتياجات المواطنين؟
إقرأ أيضا
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا الخبر ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا الخبر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.