لم يلبث العالم أن يهنأ بنهاية جائحة كورونا، وتوقُّف الحرب والاضطرابات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، ليلتقط بعض أنفاسه، ويسير نحو ازدهار اقتصادي، إلا وعاجله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمجموعة من القرارات التجارية الانتقامية التي تنذر بتمدد التباطؤ الاقتصادي، وغيرها من التأثيرات الاقتصادية التي قد تطول عددًا من مناطق العالم.

فقد قرر الرئيس الأمريكي الجديد فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على واردات الولايات المتحدة من كندا والمكسيك، و10% على الصين، في ضربة موجعة لتلك الدول الشريكة تجاريًّا لواشنطن. كما طالبهم بوقف توريد المخدرات لبلاده والمهاجرين غير الشرعيين.

القرارات التي أثارت غضبًا دوليًّا، وردود فعل قوية من الدول المتضررة، بررها الرئيس، الذي لم يمر على ولايته الثانية سوى أقل من أسبوعين، بأنها ضرورية لحماية الاقتصاد الأمريكي.

أولى الدول المتضررة من قرارات "ترامب" كانت كندا، التي قررت وقوف الند بالند لواشنطن، والرد بقوة وقسوة؛ إذ أعلن رئيس الوزراء الكندي المنتهية ولايته جاستن ترودو، في خطاب شديد اللهجة، أن كندا ستفرض رسومًا جمركية على المنتجات الأمريكية ردًّا على تلك التي أعلنها الرئيس الأمريكي.

وقال "ترودو": "كندا ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 25% على ما مجموعه نحو 106 مليارات دولار من المنتجات الأمريكية".

وبدءًا من غد الثلاثاء سيجري تطبيق هذه الرسوم الجمركية على بضائع بقيمة 30 مليار دولار أمريكي، ورسوم بقيمة 125 مليار دولار كندي ستدخل حيز التنفيذ بعد 21 يومًا.

وحذر رئيس الوزراء الكندي المواطنين الأمريكيين من أن الرسوم الجمركية التي فرضها "ترامب" على الواردات الكندية سترفع تكاليف المواد الغذائية والنفطية في السوق الأمريكية.. فيما حث مواطنيه على الامتناع عن السفر إلى الولايات المتحدة، ومقاطعة المنتجات الأمريكية.

أما مارك كارني، المرشح لرئاسة الوزراء الكندية، فقد أعلن أن بلاده سترد "دولارًا مقابل دولار" على أي رسوم تفرضها واشنطن، مؤكدًا أن أوتاوا "ستقف في وجه المتنمر"، على حد تعبيره.

بدورها، نددت كلاوديا شينباوم، رئيسة المكسيك، باتهام ترامب لحكومتها بالارتباط بتهريب المخدرات، واصفة ذلك بأنه افتراء.

وأكدت الرئيسة المكسيكية أن بلادها مستعدة بخطط متعددة لمواجهة أي قرارات جمركية تفرضها الولايات المتحدة، مشددة على فرض رسوم جمركية انتقامية على الولايات المتحدة ردًّا على تلك التي أعلنها "ترامب".

بكين هي الأخرى تشعر بالاستياء من القرارات الأمريكية القاسية؛ إذ أعلنت بكين أنها تعارض بشدة التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الأمريكيون عليها، متعهدة باتخاذ إجراءات مضادة مماثلة لحماية حقوقها ومصالحها بحزم.

وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان: "إن الصين غير راضية أبدًا، وتعارض ذلك بشدة".. مضيفة بنها سترفع دعوى ضد واشنطن في منظمة التجارة العالمية.

القلق من امتداد القرارات القاسية إلى دُوله دفع الاتحاد الأوروبي إلى انتقاد قرارات "ترامب"، واصفًا الخطوة بأنها "مؤذية لجميع الأطراف".

وحذَّر الاتحاد من أنه سيرد "بحزم" إذا نفَّذ ترامب تهديده بفرض رسوم جمركية على الواردات من بلدان التكتل الأوروبي.