عقارات / متر مربع

عبد الفتـــــــــاح الجبــــــالى : آليــات ســد الفجــوة الـدولاريــة

عبد الفتـــــــــاح الجبــــــالى

كيف يمكن سد الفجوة الدولارية فى الإقتصاد القومى؟ هذا هو التساؤل المطروح الآن على الساحة الإقتصادية بعد أن تسببت الزيادة فى هذه الفجوة فى المزيد من الإنخفاض والتراجع فى قيمة العملة المصرية، باعتبارها محصلة تفاعل قوى السوق وما يعانيه الإقتصاد القومى من اختلالات.

 

وجدير بالذكر أن مصادر العملات الأجنبية تأتى بالأساس من حصيلة الصادرات خاصة البترول ومنتجاته وإيرادات وتحويلات العاملين بالخارج، بالإضافة إلى التحويلات الرأسمالية للداخل.

 

أما الإستخدامات فهى تنقسم إلى ثلاثة أنواع أولها الطلب العادى على الواردات السلعية والخدمية وكذلك تسديد الإلتزامات الدولية كأقساط الديون الخارجية واستثمارات محفظة الأوراق المالية وأرباح الإستثمار المباشر إلخ. ثانيها يتعلق بالطلب على النقد الأجنبى لأغراض الإحتياط أو كمخزن للقيمة، وثالثها يتعلق بالطلب لتلبية الأعمال غير المشروعة والمضاربة.

 

وهنا نلحظ انه وخلال السنوات القليلة الماضية تحول الوضع فى السوق المصرفية من فائض إلى عجز. حيث كان الفائض بين المتحصلات والمدفوعات من النقد الأجنبى عام 2016/2017 نحو 13.9 مليار دولار وتحول إلى عجز بدءا من عام 2018/2019، ووصل إلى 24.8 مليار دولار عام 2021/2022، ثم تراجع قليلا إلى 13.1 مليار عام 2022/.

 

وتراكم عجز ميزان المعاملات الجارية، حيث تشير الإحصاءات إلى ارتفاع عجز حساب المعاملات الجارية من 4.7 مليار دولار خلال العام المالى 2022/2023 إلى 20.8 مليار عام 2023/2024 وذلك بسبب ارتفاع عجز الميزان التجارى السلعى إلى 39.6 مليار دولار. وارتفاع عجز الميزان التجارى غير البترولى ليصل إلى 31.9 مليار، وتحول فائض الميزان البترولى من 410 ملايين دولار إلى عجز بنحو 7.6 مليار دولار خلال نفس الفترة وعجز ميزان دخل الاستثمار إلى 17.5 مليار دولار، ناهيك عن سداد بعض الإلتزامات المستحقة والمرتبطة بالمديونية الخارجية.

 

ومن الأمور المهمة تزايد الإعتماد على المعاملات قصيرة الأجل والتى تشمل كلا من تسهيلات الموردين والمشترين قصيرة الأجل (وهى عبارة عن التسهيلات التى تمنحها البنوك الأجنبية العاملة فى بلد المورد، إلى المشترين المحليين لتمويل نسبة من قيمة عقود البضائع المستوردة، تتراوح بين 80% و85%، بأسعار الفائدة السائدة فى بلد المورد وتتراوح مدة العقد فى نطاق تلك التسهيلات بين سبع وعشر سنوات أو أكثر).

 

كما تتضمن أعباء مالية أخرى (مثل عمولتى الإدارة والإرتباط وتكاليف التأمين على القرض). وتراجع الاستثمارات فى محفظة الأوراق المالية والتغيير فى كل من الأصول والخصوم الأخرى وهو ما يشير إلى نقص العملات الأجنبية وعدم القدرة على تلبية الإحتياجات وبالتالى يواجه هؤلاء مشكلة فى تدبير النقد الأجنبى للوفاء بالالتزامات المستحقة،

 

وهو ما يمارس ضغوطا كثيرة على الإقتصاد القومى ككل. وكلها أمور تضع صانع القرار النقدى أمام معضلة المزيد من التشدد فى السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة للحفاظ على قيمة العملة وكبح جماح التضخم.

 

علاوة على انها جعلت الحالية أكثر ملاءمة لزيادة الطلب لأغراض المضاربة والتى أصبحت العنصر الفاعل بالأسواق، خاصة مع دخول البرامج الحوارية التليفزيونية والصحف اليومية فى مزايدات يومية حول سعر الصرف، دون أدنى علاقة بالواقع ولكنها كانت أشبه بمبارزة حول أيهما سيعلن سعرا أعلى للدولار بغض النظر عن السعر الفعلى بالأسواق!!

 

وغذت المضاربات بالأسواق لاسيما فى ظل السياسة الإقتصادية التى تؤدى إلى المزيد من الطلب على العملات الأجنبية وليس العكس. وكلها أمور تتطلب دراسة تفصيلية للمصادر الرئيسية للنقد الأجنبى فى ووضع السياسات المساندة لها،

 

ويأتى على رأسها تشجيع الصادرات مع ما يعنيه ذلك من العمل على فتح أسواق جديدة وإصلاح الميزان التجارى،

 

وهكذا فإن السياسة الراهنة مازالت تحتاج إلى تعديل شديد وهو ما يتطلب إعادة تخصيص الموارد المتاحة بالمجتمع بغية جعلها أكثر قدرة على التخصص فى إنتاج سلع التجارة الدولية، عن طريق زيادة ربحية السلع المعدة للتصدير، عن ربحية المبيعات المحلية وتغيير هيكل الأسعار النسبية بالمجتمع.

 

وقد أحسنت الحكومة صنعا بإعادة الإهتمام بالصناعة التى يمكن أن تنعكس ايجابيا على الإقتصاد القومى إذ تشير الإحصاءات إلى أن قيمة الواردات المصرية التى ارتفع معظمها من السلع الوسيطة، الأمر الذى يشير إلى إمكانية قيام الصناعة بالإحلال محل الواردات.

 

وهو ما يؤدى إلى وفر فى العملات الأجنبية المُنفقة على الواردات التى ننتج بديلا محلياً لها. وتوجيه هذه الحصيلة لشراء السلع الاستثمارية التى يصعُب تصنيعها محلياً. وإحداث تحويلات هيكلية فى البُنيان الصناعى، وتشغيل الطاقات العاطلة واستغلال الموارد المتاحة ومعالجة العجز فى الميزان التجارى والإقلال من انعكاسات التقلّبات والأزمات العالمية على الإقتصاد المحلى.

 

وعلى الجانب الآخر يجب العمل على ضمان تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى الجهاز المصرفى والحد من تداولها خارجه، ولهذا أعطى البنك المركزى التراخيص والموافقات اللازمة لعدد من البنوك المصرية لتمكينها من تفعيل خدمة استقبال الحوالات المالية الواردة من الخارج وإضافتها لحظيًا لحسابات العملاء لدى جميع البنوك باستخدام شبكة المدفوعات اللحظية.

 

وتمثل هذه الخطوة تطورًا مهما فى خدمة استقبال التحويلات الخارجية إلكترونيًا، حيث تتيح للعملاء تحويل الأموال من الخارج إلى داخل البلاد على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، مما يسهم فى تلبية متطلبات العملاء لحظيًا وفى أى وقت.

 

فى ظل هذه الأوضاع يصبح من الضرورى العمل على استمرار الحفاظ على الاستثمارات الأجنبية وزيادتها، فالمستثمر الجاد يعتمد بالأساس على قدرته فى تقدير العوائد والمخاطر المتوقعة. فى هذا السياق تأتى أهمية العمل على استكمال تحسين المناخ الاستثمارى وإرساء مبدأ الشفافية والعمل على توفير البيانات عن النشاط الاقتصادى والمتغيرات الكلية القومية ونشرها، والإعلان عن توجهات الحكومة وسياساتها بشكل واضح. جنبا الى جنب مع حصر التشريعات المعوقة للاستثمار واعداد التشريعات اللازمة لتعديلها وسرعة حسم المنازعات الاستثمارية.

 

علاوة على ضرورة توحيد المفاهيم والمصطلحات المستخدمة فى هذا المجال، وفقا للمعمول به عالميا. وكلها أمور تهدف إلى تهيئة البيئة للاستثمار الجاد..

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا