قوبلت خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية بالانزعاج في مجال الصحة العامة، ووصف البعض هذا الأمر التنفيذي بأنه «خطأ فادح» و«خبر سيئ للغاية».
ومنظمة الصحة العالمية هي وكالة تابعة للأمم المتحدة تهدف إلى توسيع التغطية الصحية الشاملة، وتنسيق الاستجابات لحالات الطوارئ الصحية مثل الأوبئة، ولديها تركيز واسع النطاق على القضايا الصحية.
ليس لدى المنظمة سلطة فرض السياسة الصحية، لكنها تؤثر على هذه السياسة في جميع أنحاء العالم، لاسيما في البلدان ذات الدخل المنخفض.
وتلعب منظمة الصحة العالمية دوراً تنسيقياً أساسياً في المراقبة والاستجابة للأمراض المعدية وغير المعدية.
وفي الواقع فإن هناك حاجة أكثر إلحاحاً إلى التنسيق العالمي في ما يخص الأمراض المعدية.
وعلى عكس الأمراض غير المعدية، يمكن أن تنتشر العدوى بسرعة من بلد إلى آخر، تماماً كما انتشر فيروس «كوفيد-19»، ليسبب جائحة.
يعود الفضل للوكالة الأممية في القضاء على مرض الجدري، وهو إنجاز لم يكن من الممكن تحقيقه دون التنسيق والقيادة العالمية، كما لعبت المنظمة دوراً رائداً في السيطرة على شلل الأطفال وفيروس نقص المناعة البشرية.
أسباب الانسحاب
تشمل أسباب انسحاب أميركا من المنظمة الأممية سوء التعامل مع جائحة «كورونا» وغيرها من الأزمات الصحية العالمية، وفشل المنظمة العالمية في تبني الإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل، وعدم قدرتها على إثبات استقلالها عن النفوذ السياسي غير المناسب للدول الأعضاء في المنظمة. ويشير الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي أيضاً إلى المدفوعات الأعلى بشكل غير متناسب التي تقدمها الولايات المتحدة للمنظمة مقارنة بالصين، حيث أسهمت الولايات المتحدة في عامي 2024 و2025 بنسبة 22% من التمويل الإلزامي للمنظمة مقارنة بنحو 15% للصين.
وبدأ الرئيس ترامب الانسحاب من منظمة الصحة بسبب مخاوف مماثلة في عام 2020، لكن هذا الاتجاه عكسه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في عام 2021.
تبعات القرار
قد يستغرق الانسحاب عاماً حتى يدخل حيز التنفيذ، وقد يحتاج إلى موافقة الكونغرس الأميركي، ومن غير الواضح كيف ستسير الأمور، لكن من المرجح أن تفقد منظمة الصحة العالمية التمويل الأميركي.
وقد يكون الانسحاب الأميركي أيضاً المسمار الأخير في نعش اتفاقية منظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة الأوبئة، والتي تعثرت في عام 2024، عندما لم تتمكن الدول الأعضاء من الاتفاق على المسودة النهائية.
وينص الأمر التنفيذي لترامب على أن جميع المفاوضات حول اتفاقية مكافحة الأوبئة ستتوقف، ومع ذلك يشير الأمر إلى أن الولايات المتحدة ستنظر في العمل مع الشركاء الدوليين لمعالجة قضايا الصحة العالمية.
إن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة لديها بالفعل مثل هؤلاء الشركاء الدوليين، ويمكنها القيام بذلك بشكل عملي، وهي تدير بالفعل شبكة عالمية للتدريب على الاستجابة لتفشي الأوبئة، والتي يمكن أن توفر نموذجاً، لكن التحرك في هذا الاتجاه يحتاج إلى مهارة، حيث إن أحد الأهداف الأخرى للحكومة الأميركية الجديدة هو تقليل أو وقف المساعدات الدولية.
ولدى الوكالة الدولية أيضاً مجموعة من لجان الخبراء وشبكات المختبرات المرجعية، وتعد المختبرات الخاصة بالأنفلونزا واحدة من بين العديد من شبكات المختبرات التي تضم أكثر من 50 مختبراً في 41 دولة عضواً، وهذا يشمل خمسة «مختبرات عملاقة» أحدها تابع لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ومن غير الواضح ما الذي قد يحدث لمثل هذه الشبكات التي تضم العديد منها مكونات أميركية رئيسة.
سياسة الصحة العالمية
وتقود لجان الخبراء التابعة للمنظمة سياسة الصحة العالمية وتركز على مجموعة من القضايا، ومن الممكن لمنظمة الصحة أن تعتمد مختبرات في دول غير الأعضاء، أو أن يكون خبراء من دول غير أعضاء في لجان الخبراء التابعة للمنظمة، لكن كيف سيتطور هذا، خصوصاً بالنسبة للمختبرات الممولة من الحكومة الأميركية أو الخبراء الذين يعملون لدى الحكومة الأميركية، يبقى غير واضح. ومن بين التأثيرات المحتملة الأخرى لانسحاب الولايات المتحدة توفير الفرصة للدول الأعضاء القوية الأخرى لتصبح أكثر نفوذاً بمجرد مغادرة الولايات المتحدة، وقد يؤدي هذا إلى فرض قيود على الخبراء الأميركيين المشاركين في لجان منظمة الصحة العالمية أو يعملون مع المنظمة بطرق أخرى.
وفي حين أن انسحاب الولايات المتحدة سيؤدي إلى خسارة منظمة الصحة العالمية للتمويل فإن الدول الأعضاء تسهم بنحو 20% من ميزانية منظمة الصحة العالمية، وتعتمد المنظمة على التبرعات من منظمات أخرى بما في ذلك الشركات الخاصة والمنظمات الخيرية، والتي تشكل نسبة 80% المتبقية، لذا فإن الانسحاب الأميركي قد يزيد من نفوذ هذه الجهات.
فرصة للإصلاح
إن إدارة ترامب ليست الجهة الوحيدة التي انتقدت كيفية تعامل منظمة الصحة العالمية مع تفشي «كوفيد-19» والأمراض المعدية الأخرى. وعلى سبيل المثال اتفقت المنظمة مع السلطات الصينية في أوائل يناير 2020 على عدم وجود دليل على أن «الالتهاب الرئوي الغامض» في ووهان كان معدياً، بينما في الواقع من المرجح أنه كان ينتشر بالفعل منذ أشهر، وكان هذا خطأ مكلفاً.
وكانت هناك انتقادات دولية بسبب تأخر منظمة الصحة العالمية في الإعلان عن الوباء، حيث ذكرت أن «كوفيد-19» لم يكن بإمكانه التنقل في الهواء على الرغم من وجود أدلة على خلاف ذلك، كما كانت هناك انتقادات بشأن تحقيقها في أصول الفيروس، بما في ذلك تضارب المصالح في فريق التحقيق.
تغييرات مطلوبة
يدافع خبير الصحة العامة الأميركي آشيش جا عن الإصلاح في منظمة الصحة العالمية. ويقول جا، وهو عميد كلية الصحة العامة بجامعة براون ومنسق الاستجابة السابق لـ«كوفيد-19» في البيت الأبيض، إن المنظمة لديها مهمة غير واضحة، واختصاص واسع للغاية، وحوكمة رديئة وغالباً ما تعطي الأولوية للحساسيات السياسية للدول الأعضاء.
ويقترح جا أن تصب منظمة الصحة العالمية تركيزها على عدد أقل من المجالات مع كون الاستجابة لتفشي الأمراض هي الأساس، وهذا من شأنه أن يسمح باستخدام التمويل المخفض بكفاءة أكبر. ويرى الخبير الأميركي أنه بدلاً من انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية سيكون من الأفضل أن تظل عضواً وتستفيد من مثل هذا الإصلاح. عن «أيجا تايمز»
المزيد من الإصلاحات
من دون إصلاح منظمة الصحة العالمية هناك احتمال أن تحذو دول أخرى حذو الولايات المتحدة، لاسيما إذا تعرضت الحكومات لضغوط من ناخبيها لزيادة الإنفاق على الاحتياجات المحلية.
وقد طلبت المنظمة من الولايات المتحدة إعادة النظر في الانسحاب، لكن قد تحتاج المنظمة إلى النظر في المزيد من الإصلاحات لأي احتمال للمفاوضات المستقبلية، وهذا هو أفضل طريق نحو الحل.
. في عامي 2024 و2025 أسهمت الولايات المتحدة بنسبة 22% من التمويل الإلزامي للمنظمة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الامارات اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الامارات اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.