في الثاني والعشرين من يناير 2025، شهدت محكمة لندن فصلاً جديداً في معركة الأمير هاري دوق ساسكس، القضائية ضد وسائل الإعلام البريطانية، حيث وصل إلى تسوية مع مجموعة أخبار الصحف التي يملكها روبرت ميردوخ، الناشر وراء صحيفة "ذا صن" وصحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" سابقاً.

هذه التسوية تتضمن اعتذاراً رسمياً غير مسبوق من الصحيفة عن انتهاكات خطيرة لخصوصيته وخصوصية والدته الراحلة، الأميرة ديانا، كما تم الإعلان عن تعويضات مالية ضخمة للأمير هاري، تتجاوز 12 مليون دولار، بما في ذلك تكاليف الإجراءات القانونية.

الاعتذار الكامل عن الانتهاكات ضد الأمير هاري والأميرة ديانا

الاعتذار الذي أصدرته مجموعة أخبار الصحف كان شاملاً وصريحاً، حيث عبرت عن أسفها العميق للأمير هاري عن الانتهاكات التي تمثلت في التجسس على هاتفه المحمول واختراق خصوصيته خلال الفترة من 1996 حتى 2011، كما تضمن الاعتذار أسفاً عن الأنشطة غير القانونية التي مارستها الصحيفة عبر محققين خاصين عملوا لصالحها، بالإضافة إلى الاعتداءات على حياة والدته الخاصة.

وقالت المجموعة في بيان رسمي إنها تعترف بالأذى الذي لحق بالأمير هاري نتيجة التغطية الصحفية غير المقبولة التي تعرض لها، وكذلك التأثيرات السلبية التي تركتها تلك الانتهاكات على علاقاته الشخصية والعائلية، كما أبدت أسفها عن الانتهاكات التي تعرضت لها الأميرة ديانا، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات كانت موجهة بشكل خاص خلال السنوات الأولى من حياة الأمير هاري.

شاهدوا كلمة فريق دفاع الأمير هاري أمام الصحافة بعد الانتصار الذي حققه:

محكمة لندن تفتح ملف انتهاكات الصحافة البريطانية

تعتبر هذه القضية واحدة من أبرز القضايا في تاريخ الصحافة البريطانية، حيث تم الكشف عن حجم الانتهاكات التي تعرض لها أفراد العائلة الملكية من قبل الصحافة، الأمير هاري لم يكن الشخص الوحيد الذي تعرض لهذه الانتهاكات، بل انضم إليه العديد من الأشخاص في قضايا مشابهة ضد الصحافة، بما في ذلك النائب البرلماني السابق توم واتسون.

واتسون، الذي كان شريكاً للأمير هاري في هذه المعركة القضائية، عبّر عن دعمه الكامل له، مؤكداً أن شجاعة هاري في مواجهة هذه الإمبراطورية الإعلامية قد فتحت الطريق لتحقيق العدالة.

من جانبه، أشار الأمير هاري إلى أن أحد أهدافه من هذه القضية هو ضمان محاسبة الصحافة على سلوكياتها غير القانونية، وقال إن الدافع الرئيسي لاستمرار قضيته كان تحقيق المساءلة، مؤكداً أن هذه المعركة كانت ضرورية من أجل إظهار الحقيقة والضغط على الصحافة البريطانية لتغيير ممارساتها.

في تصريحاته الأخيرة، ذكر هاري أن ما تعرضت له والدته الأميرة ديانا من مضايقات صحفية كان له تأثير عميق عليه طوال حياته، وأضاف أن هذه القضية لم تكن فقط من أجل الدفاع عن حقوقه الشخصية، بل كانت أيضاً من أجل حماية حياته الخاصة وحياة أسرته من الانتهاكات المتواصلة.

دعم العائلة الملكية: الملك تشارلز يشيد بشجاعة هاري

في إطار دعم العائلة الملكية، عبر الملك تشارلز، والد الأمير هاري، عن فخره بشجاعة ابنه في مواجهة الصحافة، مؤكداً أن هاري قد أثبت أن لا أحد فوق القانون، وأن الحقائق قد تم الكشف عنها أخيراً.

بينما أعرب شقيق الأميرة ديانا، تشارلز سبنسر، عن فخره بما حققه هاري، مشيراً إلى أن ديانا كانت ستشعر بالفخر الكبير لو كانت على قيد الحياة لتشهد هذا الانتصار.

تداعيات انتصار هاري على الإعلام البريطاني

يعد هذا الانتصار نقطة تحول محورية، في تاريخ الصحافة البريطانية، حيث يتم لأول مرة تقديم اعتذار رسمي من قبل إحدى الصحف الكبرى عن الانتهاكات التي ارتكبتها ضد أفراد العائلة الملكية، هذا الاعتذار لا يعد مجرد تسوية قانونية، بل هو اعتراف ضمني بالعديد من الممارسات غير الأخلاقية التي استمرت لعقود.

الصحافة البريطانية، التي كانت تُعتبر في بعض الأحيان فوق القانون، شهدت اليوم تحولاً كبيراً، سيكون لهذا الاعتذار أثر طويل المدى على طريقة تعامل الصحافة مع الشخصيات العامة وحقوقهم في الخصوصية، إذ إن هذا القرار القضائي قد يفتح الباب لمراجعة شاملة لجميع الممارسات الإعلامية في بريطانيا.