اقتصاد / صحيفة اليوم

ريادة عالمية.. "اليوم" ترصد بالأرقام إنجازات المملكة في فصل التوائم السيامية

انسجامًا مع أهداف رؤية 2030، الرامية إلى تطوير القطاع الصحي والإنساني بالمملكة ورفع جودته ومستوى كفاءته، والتي أسهمت في تحقيق تحول اجتماعي واقتصادي يراه العالم ويتأثر به، وأرست أسس النجاح، وتعزيز مستقبل مستدام مليء بفرص التعليم من خلال تمكين أبناء وبنات الوطن، وتطوير قدراتهم ليكونوا قادة المستقبل، يأتي المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة.
وينظمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يومي 24 و25 نوفمبر الجاري، برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بمناسبة مرور 30 عامًا على انطلاق البرنامج للتوائم الملتصقة، بمشاركة وزارات الحرس الوطني، الدفاع، الخارجية، الصحة، التعليم، والإعلام.
وكذلك عدد من الجهات المهتمة والعاملة في المجال الطبي والإنساني من منظمات وهيئات دولية إنسانية وجمعيات ومؤسسات، ومختصين وباحثين من مختلف دول العالم، وحضور عدد من التوائم برفقة ذويهم من عدة دول والذين سبق أن أجريت لهم عمليات فصل.

استعراض قصص النجاح

ويهدف هذا المؤتمر إلى جمع خبراء طبيين عالميين وممثلين من المنظمات الإنسانية، وغيرهم من المهتمين بموضوع التوائم الملتصقة لتسليط الضوء على قصص النجاح والتحديات المتعلقة بفصل التوائم الملتصقة.
كما سيحتفل المؤتمر بالإنجازات الرائعة للبرنامج السعودي للتوائم الملتصقة منذ بدايته عام 1990م وحتى اليوم، الذي خُصص لفصل ورعاية التوائم الملتصقة من جميع أنحاء العالم في المملكة العربية السعودية، ويحظى بدعم ورعاية كاملة من قبل حكومة المملكة.

البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة

وبهذه المناسبة تسلط "اليوم" الضوء على أعمال وإنجازات المركز السعودي للتوائم الملتصقة، إذ إن التقدم والتحول الذي تعيشه المملكة العربية السعودية الآن على مستوى القطاع الصحي وبصفة خاصة في البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة لم يكن وليد الصدفة، بل هو لتضافر الجهود بين القطاعات الصحية العامة والخاصة وغير الربحية، في التصدي بشكل ناجح للمشكلات من خلال الدعم اللامحدود وتسخير التقنية، وتسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية، لتكون المملكة نموذجًا عالميًا ناجحًا يحتذى به.
ويعكس هذا التحول التزام المملكة طويل الأمد بدعم التوائم الملتصقة، من خلال البرنامج الوطني السعودي للتوائم الملتصقة الذي تأسس في 1990، وأصبح رائدًا عالميًا في هذا المجال، وحقق نجاحًا تاريخيًا، بعد تمكنه من إجراء عمليات الفصل الناجحة وتقديمه رعاية طبية شاملة وخبرة جراحية وخدمات دعم مستمرة للتوائم الملتصقة وأسرهم.
كما تعكس تجربة فصل التوائم المميزة المؤسسية والنهج الراشد الذي تتبناه المملكة قيادة وحكومة في الاستثمار في الكوادر البشرية من أبناء وبنات الوطن، من خلال الابتعاث لأرقى جامعات العالم، والتي عادت بطاقات وطنية أصبحت الآن قادرة على منافسة العالم في مجالات زراعة الأعضاء والكبد، وأن نموذج فصل التوائم أحد هذه النماذج الرائعة.
ويمثل الاتصال الدائم قبل وبعد العمليات من القيادة الرشيدة دفعة قوية نحو الإنجاز، للاطمئنان على نجاح العمليات، طوال مسيرة البرنامج الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود، والتي تترجم الإنسانية السامية للمملكة والتي أصبحت مرجعية عالمية في الطب والملجأ للكثير من الحالات.
وهذا جعل المملكة تحقق الريادة العالمية والإشادة الدولية من قبل الدول والمنظمات ذات العلاقة تتبوأ المرتبة الرابعة وتعد الأشهر عالميًا في مجال مراكز فصل التوائم الملتصقة بجانب المراكز الطبية المتخصصة في أميركا بولايتي: فيلادلفيا، وبوسطن، وفي مستشفى جريت أرمنت في ، ومتفوقة على مستشفى تورنتو بكندا.

ما هي التوائم الملتصقة؟

التوائم الملتصقة، الملقبة بالتوائم السيامية، هم توأم متماثل ارتبطت أجسادهم في الرحم. وهي حالة نادرة، تحدث بمعدل حالة واحدة من كل 500 ألف حالة ولادة حية مع وجود نسبة أعلى نوعًا ما في جنوب شرق آسيا وإفريقيا والبرازيل.
ويولد حوالي نصف التوائم موتى، ويموت ثلثهم الآخر في غضون 24 ساعة من الولادة إذ يولد مع تشوهات تُصعّب العيش.

اختيار الحالات

لم يكن اختيار البرنامج السعودي للحالات والتعامل معها يخضع لمعايير الدين أو الجغرافيا أو العرق، وهذه هي فكرة المملكة الإنسانية، وإنما يبنى الاختيار على حاجة الإنسان أينما كان، فقد تكون هناك ظروف اقتصادية صعبة أو حروب ومعاناة في أثناء الحمل وولادة التوائم السيامية، يليها معاناة البحث عن مكان العلاج.
وجرى التعامل مع حالة التوأمين السياميين الليبيين أحمد ومحمد من خلال استقبال بريد إلكتروني عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ورُفع إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي قابله باستجابة مباشرة وسريعة.
كما استُقبلت حالة التوأمين الكاميرونيين، والاستجابة لاستغاثة ذويه، مما كان لهذا التجاوب الإنساني الأثر في إسلام كافة سكان القرية دون دعوة مباشرة للدخول في الدين الإسلامي، بعد تأكدهم من أن هذه المعاملة الحسنة خلفها دين عظيم نشأت عليه المملكة، ورسمت على ضوئه في المجال الإنساني خارطة للعالم وأصبحت قدوة لمن غيرها من الأمم

العلم والأخلاق هما الفيصل

الذي يحكم في فصل التوائم السيامية هو المعايير العلمية البحتة، لذلك يقرر الفصل إذا كان في الجراحة حياة للتوأم.
وبالنظر إلى مجموع الحالات التي قيمت والبالغ عددها 139 حالة والحالات التي أجري الفصل فيها والبالغ عددها 61 حالة، نجد أن معظم الحالات التي لم تُفصل يشتركون في أعضاء مهددة للحياة ومعظمهم لم يعش طويلًا بعد الولادة.

التضحية بتوأم على حساب آخر

ووفقًا لتأكيد الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة عراب تجربة فصل التوائم السيامية فإنه لا يجوز شرعيًا ولا أخلاقيًا التضحية بتوأم على حساب الآخر إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون أحدهما طفيلي أي أنه يعيش متطفلًا على الآخر، إذ يكون عبارة عن جسد يعيش على قلب أخيه ويستمد كل شيء منه، لذلك فهو دون أخيه يعد كومة لحم. أما إذا كان مكتملًا فإنه لا يمكن شرعيًا ولا أخلاقيًا يُضحى بأحدهما على حساب الآخر.
وتابع: الآن تطور الطب وتقدم التشخيص كثيرًا، وأصبح بإمكان الفريق الطبي تشخيص حالات التوائم السيامية في أسبوعها الثامن أو التاسع أو العاشر.
وفي كثير من الدول يسمحون أو يشرعون الإجهاض لهذا، أما إذا اكتشف متأخرًا (الأسبوع 12 أو 13) فإن كثير من الدول لا يسمح فيها بالإجهاض لأنه أصبح للتوأم روحًا وجسدًا واضحًا.

الفريق الطبي

يضم الفريق الطبي أكثر من (60) شخصًا من مختلف التخصصات التي تتعامل مع الحالات قبل وأثناء وبعد العمليات الجراحية والتجميلية فيما يضم الفريق الجراحي الذي يُنفذ، 35 شخصًا من استشاريين وأخصائيين وأطباء مقيمين، وفي مجالات التخدير والمناظير والتعقيم وجراحة الأطفال والتجميل.

استدامة العمليات

تتفاخر المملكة بأن لديها الآن فريق سعودي من الصف الأول والثاني والثالث تدرّب بشكل ممنهج على عمليات فصل التوائم، ويضم كافة التخصصات الطبية الجراحية والفنية والمساعدة ذات العلاقة.
وهذا يبعث الاطمئنان على قدرات الكوادر الوطنية وتميزها في مجال تخصصها سواء على مستوى جراحة الأطفال أو المسالك البولية التناسلية أو التخدير أو التجميل أو المناظير، يضمن استمرار وبقاء البرنامج السعودي لفصل التوائم الملتصقة، وعدم ارتباط ديمومته بشخصية واحدة تتمثل في الدكتور عبدالله الربيعة

أول عملية فصل

و في عام 1957، سجل بيرترام كاتز وفريقه الجراحي أول عملية فصل ناجحة لتوأمين ملتصقين يشتركان في عضو حيوي في تاريخ الطب الدولي.
ولد التوأمين جون وجيمس فريمان (جوني وجيمي) بسرتين مشتركتين، في يونغزتاون بولاية أوهايو الأمريكية، في 27 أبريل 1957، اشترك التوأمين في الكبد وكان لكل واحد منهما قلب منفصل، ونُفذت عملية الفصل بنجاح في مستشفى نورث سايد في يونغزتاون، أوهايو.
وعلى المستوى الوطني تعود أول عملية فصل للتوائم إلى صباح الخميس 31 ديسمبر 1990م، وكان الالتصاق في التوأمين السياميين السعوديين على الجلد وجزء صغير من الكبد.
وحسب "الربيعة" سجلت هذه العملية انطلاقة حقيقية لعملية فصل التوائم، واللبنة الأساسية في الإنجاز والعطاء، ونجحت العملية، والبنتان اللتان فصلتا تتمتعان الآن بصحة جيدة، وبلغتا من العمر 34 عامًا.

الجنسيات المستفيدة

تضمنت الحالات التي قُيمت أو أجريت جراحتها بالمملكة 26 جنسية من 3 قارات حول العالم (آسيا – أوروبا – إفريقيا) أبرزها: السعودية، اليمن، السودان، ، ، الكاميرون، ، وسوريا.

2023 الأعلى.. ويناير الأكثر

ويعد عام هو الأكثر من حيث عدد عمليات جراحة فصل التوائم بواقع (6) عمليات أجريت خلال الأشهر السبعة الأولى، يليه عام 2016 بعدد (5) عمليات، ثم عام 2007 و2016 بـ(4) عمليات.
فيما أجريت (3) جراحات في كل من عام 2010 و2014 و2015 و2018، فيما أجريت عمليتان جراحيتان للفصل في 7 أعوام هي:2002، و2005، و2006، و2008 و2009 و2012 و2015 و2022
كما يعد شهر يناير هو الأبرز من حيث عدد الحالات بعدد (8) حالات، يليه شهري فبراير وأكتوبر بـ(7) حالات لكل منهما، ثم يوليو (6) حالات، وشهري أبريل ويونيو (5) حالات لكل منهما، ومايو (4) حالات، و(3) حالات في كل من شهر مارس وديسمبر، وحالتان في كل من شهر سبتمبر ونوفمبر، فيما يعد شهر أغسطس هو الأقل بواقع إجراء حالة فصل واحدة.

اشتراك البطن.. الأبرز

وبشأن الأعضاء المشتركة للتوائم السيامية تعد منطقة البطن ومنطقة الحوض والبطن هما المناطق الأبرز والأكثر شيوعًا بين العمليات التي أجريت بالمملكة وذلك بواقع (9) حالات لكل منها، تليهما منطقة الصدر والبطن بعدد (7) حالات، ثم الاشتراك في منطقة الصدر والبطن والحوض بـ (5) حالات، ثم منطقة الرأس بواقع (3) حالات

المملكة تتفوق على ماليزيا وبريطانيا

ويشير الدكتور الربيعة في كتابه (تجربتي مع التوائم السيامية) الذي نشر 2009، - وكتب مقدمته الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، -يرحمه الله- إلى أن النجاح في جراحة التوأمين الماليزيين أحمد ومحمد كان نقطة تحول نوعية في جراحات التوائم في المملكة، والتي تعد الحالة الأولى من خارج العالم العربي حقق بعدًا إسلاميًا وآسيويًا.
وبين، أن قبول الحالة وضع الفريق الطبي أمام تحد حقيقي، إذ أعلن أحد مستشفيات بريطانيا الكبيرة التي لها باع طويل في هذا المجال، رفضه لإجراء العملية لصعوبتها، حيث كانت نسبة النجاح تصل إلى 65 %، إلا أن الفريق الطبي تجاوز العديد من الصعوبات التي واجهته قبل وأثناء الجراحة التي أجريت في 17 سبتمبر 2002 ونجح في ما عجزت عنه ماليزيا وبريطانيا وبذلك مثلت هذه العملية نقلة كبيرة، حيث تحقق في بلاد الحرمين الشريفين ما لم يتحقق في ماليزيا وبريطانيا.

يوم عالمي للتوائم الملتصقة

ومن المكتسبات التي تحققت بفضل هذه النجاحات السعودية المتفردة والمستمرة أن أعلنت الجمعية العام للأمم المتحدة، اعتماد قرارًا ينص على تسمية يوم 24 نوفمبر من كل عام يومًا عالميًا للتوائم الملتصقة.
وجاء بمبادرة من المملكة العربية السعودية مع مجموعة النواة للمشروع (مملكة البحرين، والمملكة المغربية، ودولة قطر، والجمهورية اليمنية)؛ بهدف رفع مستوى الوعي حول هذه الحالات الإنسانية والاحتفاء بالإنجازات في مجال عمليات فصل التوائم الملتصقة.

سر النجاح

إلى جانب الدعم السخي واللا محدود والرعاية الكريمة من القيادة الرشيدة – أعزها الله – وتشجيع الدولة، يرجع السبب في نجاح جراحة فصل التوائم السيامية إلى تمركزها في مركز واحد تنصهر فيه كافة القطاعات الصحية.
ووجود مستشفى واحد في المملكة يجري عمليات فصل التوائم، يعطيها مكانة طبية عالمية لتفردها به في العالم، كما يعود هذا النجاح لروح الفريق الواحد، بالعمل الجماعي والتخطيط قبل اتخاذ القرار، مما يعد أفضل الطرق وأنجحها للوصول إلى نتائج إيجابية.

مكانة طبية عالمية

ولم تتبوأ المملكة هذه المكانة الطبية العالمية المرموقة في عمليات فصل التوائم السيامية (الملتصقة) من فراغ، بل عبر عمل جاد منظم من خلال توافر الكوادر الطبية السعودية العالمية، وإطلاق البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية عام 1990، الذي يُعد نموذجًا إنسانيًا وطبيًا وعلميًا فريدًا بنجاح كبير.
ويعمل البرنامج إلى يومنا هذا ويتابع مبادراته الإنسانية الطبية الفريدة التي تعد امتدادًا للعمل الإنساني التطوعي، الذي يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
كما أن المملكة تتيح للكوادر الطبية المتخصصة أو من حديثي التخرّج من داخل المملكة فرصة المشاركة في عمليات فصل التوائم، لكسب الخبرات والمهارات الطبية وتصديرها إلى العالم.
وطوال هذه المسيرة الناجحة ظل الدكتور عبدالله الربيعة يقود فريق فصل التوائم، ويشرف على جميع عمليات الفصل التي اكتسبت منها الفرق الطبية خبرة كبيرة.
كما توفرت التقنيات والأجهزة الحديثة التي ساعدت الفرق الطبية على أداء مهامها على أكمل وجه، والتي تتكفل المملكة بكامل مصاريفها، بما في ذلك إقامة الأسرة، ومتابعة علاج الأطفال السياميين حتى بعد عودتهم مع والديهم سالمين إلى بلادهم لفترة تمتد إلى عام وأكثر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا